تواتر العمر خيبات وانكسار: بقلم جورج عازار

 يأتي العمر على ما تبقى ويجعل المرء على حافة النهايات فتضيع مزق الشباب ويحل الصمت ونصبح مجرد ذكرى في كتاب الزمان.


تَواتِرُ العُمرِ خَيبَاتٌ واِنكسَارٌ

أعيبٌ أصابَ المَرايا

أم إنَّ الدَّهرَ

غَدَّارٌ وخَوَّانٌ

نورُ البَدرِ يَضمحِلُ

وشفيرُ الهَاويةِ يَقترِبُ

أكلَ الذئبُ جَديلني

وزرعَ الأشواكَ في وَجهي

وشَربَ العَلَقُ

كُؤوساً مِن دَمي

أضَعْتُ ذاتي هُناكَ

وصِرتُ أنا لستُ أنا

شمسُ المغيبِ أنا

وما تبقَّى حين يَموتُ الهِلالُ

أنا الصَّدَى البَعيدُ

يَسبَحُ في المَدى

وأنا ذِكرى الينبوعِ

وسُنبلةٌ تاهَت

في دُروبِ النِّهاياتِ

أنا الأرضُ العَطشى

حين اِنحباسِ المَطَرِ

وأنا صَوتُ الذِّكرى

حين تَغيبُ الصُورُ

تواترُ العُمرِ خَيباتٌ

واِنكسارٌ

وأثلامُ الزَّمانِ في المُحيَا

أوجاعٌ

مِثلَ شَبحٍ خَفيٍ

ذاتَ يومِ أتى

امتصَّ مِني جَذوةَ الشبابِ

وتركَ بِضعةَ أسمَالٍ

فوق تَنهُداتِ الرُّوحِ

تُعاين من الأضرارِ ما تَبقَّى

كيفَ تسرَّب من أناملي

على حين غِرَّة؟

فلا يعلم المَرءُ هَل يَنوحُ

على ما أنصرفَ أم يُلملمُ من العمرما تبقَّى ؟

بالأمسِ كُنت في مَيعةِ الصِّبا

أُهَدهِدُ دُميَتي

أروي لها حِكاياتٍ

من زَمَنٍ مَضى

كيفَ ذاكَ السَّارقُ

من نافدةِ العَمرِ تَسلَّلَ

جَاءَ يَعبثُ بِالملامِحِ

ويعيدُ تَكويني؟

ماتَت أُغنيتي

في صَبَاحاتِ الخَريفِ البَاردةِ

فصارَ الحُزنُ غَيمةً

تَلَبَّدت بِها السَّماواتِ

ورَّثَتها كُلُّ النُجومِ العَابرةِ

صادٍ أنا ولا قطرةٌ

في الأرجاءِ تَرويني

وجُوعُ الرُّوحِ يُنهِكُني

يانِعةً كُنتُ مِثلَ ورودِ البَراري

واليومُ اليَباسُ يَعتريني

هَرَبَ الحُلمُ مِني حين الرُّقادِ

كُلَّما أوشَكتُ على الإمساكِ بهِ

أَرسلَ بَعضاً من الكَوابيس

كي عَنه تُشغلَني

وتبدَّدَ حُلمَ الِّلقاءِ

أرهَقني انتظارُ اللاشيء

وأنهَكني الضَّنى والسَّقمُ

وهُناكَ في البَعيدِ

تَرانيمٌ في الفَضاءاتِ تَعلو:

"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ

وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُم."


بقلمي:جورج عازار



تعليقات

المشاركات الشائعة