وسط الزحام: بقلم سميرة سلطاني

 وسط الزّحامِ ـ


مثل الرّياح ِأجْرِي

ألفُّ على أجنحةِ المدينةِ

أرى الغيمة تحلّقُ

فوقَ رأسي

والشّمسَ تُشرِقُ

بعيدًا

أبحثُ عن ضجيجٍ

أو حتّى مواءِ قطٍّ

يخترق حصنَ السّكينةِ


دخلت بابًا آخرَ

من المدينةِ

وسط  الزّحامِ

وجدت كائناتٍ غريبةٍ

تتعالى أصواتها

كلِماتٍ بِلا معنَى

أو معاني منتزعة الرّوحِ

اِستعرتُ أجنحة الطّيرِ

خرجت من هذه الأزقّةِ

المريبةِ

بين ضجيجي وسكونِي

عرفت مكان ركونِي

اِخترت عالمًا يعُجّ بالصّمتِ

أحيِي على ركحه ِفنونِي

تساءلتُ كم كنت مسكينةً!

الآن عرفت كيفَ

ينتحرُ الفكرُ  وسط الزّحامِ

وينبُتُ الزّهر ُ

في تربةِ الوجدانِ


الآن أيقنتُ 

أنّ مصنعَ الحروفِ والكلماتِ

يصنّفُ أنْواعًا من المركّباتِ

لصنعِ أسْلِحةٍ تخرج من اللّسانِ

إمّا تكون ألفاظًا هجينةً

أو لغةً تعبق بروائحِ الرّيحانِ

لكنّي 

ما زلت أبحث عن ركونِي

قفلتُ بابَ المدينةِ

هجرتُ مصنعَ الكلماتِ

اِخترتُ مكانًا بعيدًا

عن ضجيجي وسكونِي

غصتُ في أعماقهِ كثيرًا

ترجمتُ لغة حروفهِ

إلى رسوماتٍ

تخترقُ جدار الصّمتِ

وتوصِدُ بابَ كلِّ اللّغاتِ

عالمٌ يغيّر ُ قفل المدينةِ

وتطفو على سطحهِ

كلّ أنواعِ الحرّياتِ

عالمُ أحلامٍ وسردِ

حِكايَاتٍ

عَالمُ رموز ٍمختَلِفِ  الدّلالاتِ

لكنّنِي وجدتنِي

أرفعُ ستار َجفوني

على ضوءِ انْبِلاجِ الصّبحِ

أعيشُ بين ضجيجِي 

وسكونِي

وأنْصهر في عالمٍ يَعُجُّ

بالكلماتِ

وأسير بين أزقّةِ المدينةِ

وسط الزّحامِ

أحمل الغيمة فوقَ رأسِي

من  جديدٍ.


سميرة سلطاني 

تونس




تعليقات

المشاركات الشائعة