توقف الزمن: بقلم عماد سالم أبوالعطا
توقف الزمن
ما أصعب أن تولد البراءة في زمن غاب فيه العدل
وما أقسى أن تزهر الطفولة في أرض جفت فيها الرحمة
توقف الزمن ... نعم ... لكن القلوب الصغيرة لم تتوقف عن النبض
ما زالت تحلم بمدرسة ودفتر وصديق لا يختفي فجأة
وبيد تمسح دموعها دون أن ترتجف
أرواح بريئة خبأت دفاترها في حقائب مُمزقة كانت تنتظر أجراس المدرسة
فأصبحت تترقب صوتاً لا يُحتمل
صوتاً أخرس الأحلام وأطفأ الأمل
ثيابهُم تمزقت وأمانيهم ضاعت بين رُكام لا يُشبه شيئاً
هم ليسوا سوى زهور اقتلعت من الجذور وسُقيت بالخذلان والوجع
ومع ذلك... ما زالوا يحلمون بكرسي خشبي في زاوية صف
بطبشورة بيضاء
وبدفء يُعيد للزمن نبضُه من جديد
جاعت بطونهم الصغيرة ولم تجد حليباً
بردت أكتافهم ولم تجد غطاء
بكوا في ظُلمة الليل ولم يجدوا حُضن أم
فالليالي كانت أطول من أعمارهم
نزحوا من دفء البيت إلى رصيف غريب
من سرير صغير إلى قطعة كرتون
ومن حقيبة مدرسية إلى كيس لا يحمل سوى الصمت
كانت ثيابهم بالأمس نظيفة
مُزينة بخيوط البراءة
واليوم ... مُمزقة لا تحجب وجع الجسد ولا الروح
وكأنها تهمس نحنُ هُنا … فقط ننتظر الفرج
توقف الزمن عند تلك اللحظة
حين خاف الطفل من الضوء
ومن العتمة أيضاً
توقف الزمن
حين غابت الطفولة
واستيقظت الحياة على هيئة حمل ثقيل تحمله أكتاف لم تشتد بعد
لا يسألون عن العيد
ولا ينتظرون الهدايا
باتت أمانيهم تُختصر في لُقمة دافئة
وفي زاوية آمنة من هذا العالم الذي خذلهم
توقف الزمن
لكنهم لم يتوقفوا عن الحلم
ببيت صغير وسرير ناعم
وبيوم لا يحمل المفاجآت الثقيلة
ورغم كُل هذا الرماد
ما زالوا يرسمون الشمس على الورق
ويكتبون اسم الحياة بمداد الأمل
كبروا... قبل أوانهم
تعلموا الصمت بدل الضحك
وتعلقوا بظل حلم بعيد
وهم يعلمون... أن الغد قد لا يأتي
عماد سالم أبوالعطا
تعليقات