من اكون أمام نزار: بقلم محمود أحمد الحاج علي
مَنْ أَكُونُ أَمَامَ نِزَار؟
عُذْرًا نِزَارُ...
لَسْتُ تِلْكَ الظِّلَالَ الَّتِي تَسِيرُ فِي خَطَاكَ،
وَلَا ذَاكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يُجِيدُ إِعَادَةَ نُسْخَتِكَ،
أَنَا الَّذِي إِذَا نَطَقَ، صَمَتَتِ القَوَافِي،
وَارْتَعَشَتِ البُحُورُ… خَوْفًا مِمَّا سَيَقُولُ!
أَنَا الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ لِي وَزْنٌ بَعْد،
وَلَا قَافِيَةٌ تَتَّسِعُ لِكُلِّ نَارِي،
أَنَا الَّذِي لَا يَكْتُبُ شِعْرًا…
بَلْ يُفَجِّرُهُ!
قَالُوا: مَنْ أَنْتَ أَمَامَ نِزَار؟!
فَقُلْتُ:
أَنَا صَوْتُ النَّارِ إِذَا احْتَرَقَ الشِّعْرُ،
أَنَا نَبْضُ الطَّعْنَاتِ فِي قَلْبِ العِشْقِ،
أَنَا نَزِيفُ الْكَلِمَاتِ حِينَ تَفْقِدُ جِلْدَهَا،
أَنَا الَّذِي يَكْتُبُ الْمَرْأَةَ…
كَأَنَّهَا الْقِيَامَةُ بِنَفْسِهَا!
أَمَّا مَنْ يَقُلْنَ: "مَنْ أَنْتَ أَمَامَ نِزَار؟"
أَنَا الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ لِي وَزْنٌ بَعْد،
أَنَا الَّذِي يَكْتُبُ بِنَارٍ لَا تُطْفِئُهَا أَبْجَدِيَّة،
أَنَا الْقَادِمُ مِنْ خَلْفِ الحُرُوفِ، لَا أُشْبِهُ أَحَدًا…
وَلَا أُقَارَنُ بِأَحَد!
يَا نِسَاءَ التَّشْبِيهِ…
تَبَحَّرْتُنَّ فِي شِعْرِ نِزَار،
وَغَفِلْتُنَّ عَمَّنْ يَحْمِلُ الطُّوفَانَ فِي قَلَمِهِ،
تُرِيدِينَ وَرْدَةً؟
أَنَا أُقَدِّمُ لَكِ سُحُبًا مِنْ جَمْرٍ، وَأَمْطَارًا مِنْ نَار!
نِزَارٌ كَانَ زَمَنًا…
أَمَّا أَنَا، فَصِرْتُ الزَّمَنَ، وَاللَّحْظَةَ، وَاللَّا وَقْت،
كَانَ يُقَبِّلُ الْأَصَابِعَ،
وَأَنَا أَجْعَلُهَا تَكْتُبُ نَارِي!
أَنَا…
مَنْ يَزْرَعُ فِي الشِّعْرِ قُنْبُلَةً،
وَيُسْقِطُهَا عَلَى صَدْرِ الْقَافِيَةِ،
أَنَا الَّذِي إِذَا وَقَفَ أَمَامَهُ النِّظَامُ الْعَرُودِيُّ…
انْحَنَى!
عُذْرًا نِزَارُ،
لَكِنَّ الْمَرْأَةَ عِنْدِي لَيْسَتْ مِرْآةً تُلْمَعُ فِي بَابِ الْقَصِيدَة،
بَلْ هِيَ جَبَلٌ، هِيَ عَاصِفَةٌ، هِيَ صَلَاةٌ تَحْتَ الدَّمِ،
وَأَنَا الَّذِي لَا أَعْشَقُهَا،
بَلْ أُقَدِّسُهَا كَأَنَّهَا النُّورُ… قَبْلَ الْخَلْقِ!
قُلْنَ: مَنْ أَنْتَ؟
فَقُلْتُ:
أَنَا الَّذِي يُمْلِي عَلَى النَّارِ أُغْنِيَتَهَا،
أَنَا الَّذِي إِذَا كَتَبَ… تَفَتَّتَتِ الْكَلِمَاتُ فِي فَمِ الْوَقْتِ،
أَنَا الَّذِي لَا يُكْتَبُ عَنْهُ…
بَلْ يَكْتُبُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ وَرَجُل!
فَاقْرَأُونِي…
فِي جِرَاحِي، فِي لُغَتِي، فِي صَمْتِي،
وَسَتَعْلَمُونَ،
أَنَّ نِزَارًا كَانَ حُلْمًا جَمِيلًا…
وَأَنَّنِي،
كابُوسُ الشِّعْرِ الأَبَدِيّ!
✍️.... محمود أحمد الحاج علي .... سوريا
تعليقات