حديث مع الحياة...: بقلم محمود أحمد الحاج علي
حديثٌ معَ الحياةِ... حينَ ضاقتِ الأرواحُ بالحياةِ
أنا:
يا حَيَاةَ القَهرِ، يا سيفَ الأسى
كَمْ دَهَسْتِ القلبَ؟! كَمْ مَزَّقْتِنا؟!
كَمْ سَكَبْتِ الحُزنَ في كَأسِ الدُّجى
ثُمَّ قُلتِ: اشْرَبْ! كَأَنَّا دُمى!
كَمْ جَعَلْتِ الحُبَّ نُكْرَانًا لَنا
ثُمَّ أَهْدَيْتِ المَدَى لِلْغُرَما!
كَمْ حَمَلْنَا مِنْكِ طَعْنَاتِ السِّنِينْ
وَاحْتَمَلْنَا في خُطَاكِ النَّدَما
كَمْ تَوَهَّمْنَاكِ حِضْنًا دَافِئًا
فَإِذَا بِالحِضْنِ يُخْفِي العَدَما!
الحياة:
لَسْتُ مَن أَمْلَى عَلَيْكَ الوَجَعَ
إِنَّمَا أَنْتُمْ كَتَبْتُمْ قِصَصَا
أَنْتُمُ مَنْ أَوْقَدَ الجَمْرَ بِكُمْ
أَنْتُمُ مَنْ زَرَعَ المَوْتَ جِرَسَا
أَنَا مِرْآةٌ، أَلَا فَلْتَنْظُرُوا
كُلُّ مَا فِيَّ انْعِكَاسٌ لِمَا كُسِرَا
أنا:
كُنْتِ حُلْمًا... ثُمَّ صِرْتِ كَابُوسَنَا
وَاخْتَنَقْنَا، لَا صَدًى، لَا نَفَسَا!
صَرَخَ الأَطْفَالُ: جُوعًا... فَاسْكُتِي!
وَاخْجَلِي مِنْ وَجْهِ طِفْلٍ دَمِسَا
قَالَتِ الأُمَّاتُ: صَبْرًا... فَابْتُلِينْ
بِبَنَاتٍ حُفِرَتْ فِيهِنَّ خُطَبَا
وَرِجَالٌ غَابَتِ الشَّمْسُ بِهِمْ
نَامُوا الحُلْمَ، وَعَادُوا يَبَسَا
كُلُّ يَوْمٍ صَارَ لَيْلًا دَائِمًا
وَالضُّحَى فِينَا تَوَارَى يَئِسَا
الحياة:
يَا بَنِيَّ البَشَرِ، لَا تُلْقُوا عَلَيَّ
كُلَّ ذَنْبٍ، إِنَّمَا الشَّرُّ بَكَى!
كَمْ غَدَرْتُمْ، كَمْ قَتَلْتُمْ، كَمْ خُنْتُمْ
كَمْ بِعْتُمْ نَخْوَةَ الأَمْسِ سُدًى
مَنْ يُرِدْ صِدْقًا، فَهَا قَلْبِي لَكُمْ
مَا خَذَلْتُ النُّبْلَ، إِنْ كَانَ حَيَا
أنا:
كَذَبْتِ... وَالدَّمْعُ شَاهِدُ كَذْبِكِ
وَالْقُبُورُ امْتَلَأَتْ مِنْ فَقْدِنَا
كَيْفَ نَدْعُوكِ حَيَاةً؟! قُولِي!
وَالْيَتَامَى جَفَّ فِيهِمْ نَوْمُهَا؟!
وَالثَّكَالَى رَقَّصَ المَوْتُ بِهِنْ
وَالْخُطَى تَمْشِي إِلَى المُسْتَسْلَمَا؟!
قَدْ تَعِبْنَا يَا حَيَاةُ... فَارْحَمِي
أَوْ دَعِينَا نَنْسَحِبْ، أَوْ فَلْتَنْتَهِي...
قَدْ شَرِبْنَا الحُزْنَ كَأْسًا فَوْقَ كَأْسْ
مَا تَبَقَّى فِي فُؤَادٍنَا دَمَا...
✍️.... محمود أحمد الحاج علي .... سوريا
تعليقات