خمس وخمسون خدشا: بقلم سيف علوي
خمس و خمسون خدشا
عثرت في الطريق المفضية إلى البداية عليّ..
ألقيت التحيّة على عجل
و لم تُردّ بأحسن منها و ألقتْ صمَمَا..
و لطارئ ما، وددت أن أَستوقفَني، وفعلتُ..
جرؤت عليَّ، رُحتُ على حياء
أسأل حالي الغريبة عنّي:
كيف أنت ؟
تزدردك العزلة! و روحك في امتقاع تزدريك؟!
كبرتَ خمسين حولا.. شعرك تعفّر بالشّيب..
شيبُك شبّاك يفتح على ليل قديم.
على ضوء أسود.
شيبك يحلُم بطفولته الغضّة، و يتثاءب.
هل رأسك متفائلة في هذي الحقبة إذ هي بيضاء تماما؟
في صوتك خمس و خمسون خدشا..
صوتك فسيفساء محنة: كم من ثقب
في حنجرتك؟!
كم من حزن رانَ على الرّوح!
كم من لحن في صوتك؟!
إذن موسيقات الكون جميعا يُديرها ذاك اللحن المخدوش..
من يوجّه دفقات الموسيقى نحو تنوّعها العُلويّ؟
من يُعيد وجهة الدفقات إلى الأعماق؟
و روحك صلعاء من الحنين.. صلعاء من الذكرى!
روحك مُكاء و تصدية.. هرج محض..
و الذكرى بمفردها ترقص عارية، عارية
و ليست شهيّة..هذا العُري بذيء.. لا يفتح إغواءً
و بؤبؤ العينين يثقبه الضوء القديم،
هما الآن كوّتا دمعٍ ذليل..
هما الآن ممرّات لجنازات الحسّ.
الحبّ جنازة.
الأنس جنازة.
الصّوَرُ جثث في التوابيت تبيت.
الوجوه أكفان...
كانت عيناك مراتعَ حلم.. صارت عيناك مواضع ملح..
و الدّمع، أين الدّمع؟
كان الدّمع حصينا ..
كان مقصورا في خيمته الفيروز..
وحده الدّمع يؤرّخ للبلل، للرّواء..
لحقيقة الماء لمعنى الملء.
عيناك الآن سراب. و الدّمع الآن نُحاس صُلب...
عثرت في الطريق المُفضية إلى النهاية عليّْ.
ارفضّتْ أنايَ بعيدا.أنايَ نَوًى في الحضور!
شمّرتُ الباصرتيْن بعيدا..
حدّقتُ في الجهات لأحذق فنّ العواء.. عويْتْ:
- لا تسأل ثانية عمّا يسوء الرّوح.
----------------
سيف .د. علوي
تعليقات