العري بن الكمر الأخضر: بقلم علوي بن محمود
العري ذو الكمر الأخضر
في زمن جديد كانت الشمس تطلع من بيت مائل قرب مسار الجدي جنوب خط الأستواء الذي يطيب للتاجر مطرش القفنذلي ان يسميه خط الألتواء نظرا لثقافته الغزيرة من تقليب الصحف الفرنجيه والطليانيه التي كان مصرا ان طيقرأها كل صباح من اليمين الى اليسار كما نصت لغته الام فلم يرى سببا مقنعا ان تقرأ معكوسه رغم اشتهار السلطعون بمشيته الجانبيه وعيونه الناكعه خارج قبة جسمه القشري
كان القفنذلي تاجرا شهيرا يتاجر بجلود الحيوانات المذبوحه ويبيعها لصانعي الجزم الخواجات ويستورد السكر من كل مكان عازفا عن تصدير الملح المكوم كالجبال في الملاحات القريبه
كان القنفذلي شريبا عتيدا يمضي الايام بالعربدة ليلا وكل ستة اشهر له زواجه
ورغم السبعة عشر امرأة الاتي تزوجهن لم يرزق ببنت ولاولد
وذات سهرة طنطنه عايره احد زملائه في الشرب وقال
هي ياقفنذلي شفك باتموت ولمن بتترك كل تجارتك بيتوراثوها النسوان
غضب مطرش القفنذلي وهو في حالة سكر ادار عيونه في مخزن الجلود
ورئ قطة حامل لعلها في القريب تلد وقال العري الأحمر الي بتولده هذي البسيسه بيكون وريثي
وصاح بعماله هيي ياعويله اكرموا مثوى سلطانه واكلوها احسن الخصار ابى منها وريث احمر راسه كما الملكد
وفعلا بعد عدة ايام ولدت سلطانه ست قطاط صغار كلها اناث
مما اثار سخرية السكارى في مجالس الشرب
قال احدهم هيا شفتوا كيف القنفذلي قال يشتي وريث راسه كما الملكد وبسته على الخزى جابتهم كلهم اناث
كان امرا نادرا ان تلد القطه مواليد من جنس واحد
لكن القنفذلي لم ييأس وتبجح بالقول سلطانه مابتخيب بتجيب راس الملكد على خزى عينكم كلكم عساك تشرقوا بالي تشربوه ولايقرح معكم الهرور ياموالعه البلدي
وفعلا تحقق الوعد واتت سلطانه بمواليد جدد كانوا سته يقال انها اكلت واحدا او اثنين ومات البقيه ولم يبقى الا عرعور احمر صغير الرأس وامتلئت مجالس الشرب بالحنق والكل يحسد هذا الهرير الذي سيغدو وريث القنفذلي
وشب الهرير وكبر رأسه وصار ملكدا تتمناه النسوة في البيوت للكد الثوم واشياء اخرى
وكم كانت فرحت القنفذلي كبيره بالعري حقه فقام بطلب كمر اخضر صغير يناسب وسط القطو وعلق في ابزيم الكمر مفتاحا واحدا دلاله ان العري ذو الكمر سيكون وريث الجلود والسكر
لكن العري يبدو انه لم يكن مهتما بثروة والده الروحي وشق طريقه بنفسه
كان يمر ظهيرة على الدكاكين فيصيح المبقل ها جاكم العري بوكمر هيا فكوله قصعه تونه
وفي المساء يمر على مبقل اخر فيقول حيا بالقنفذلي الصغير تعال بفكلك قصعه قشطه بالعسل تستاهل ياابن مطرش
سمن العري وورم لكن لم يفقد رشاقته وانتفخ راسه حتى صار كجرن الكبه اللبنانيه
ومع ذلك لم تكفه هذه الحياة الرغيدة بل كان يترصد عند محلات الصرافه وبقفزه رشيقه يخطف من يد المصارف او كيسه هبشه عملات ورقيه دولار استرليني وغيره ولااحد يعلم كيف كان يحشيها في كمره الأخضر المعلق بخصره السمين وانتفخ الكمر بالنقد الاجنبي والعملات الصعبه وغدا كحزام الثروة الملغم بالبيس
لم يكن احد يجروء على معارضة تهباش العري ذو الكمر وان صاح احد ضحايه هيي الحقوا العري هطش البيس يسكته من حوله اصه ذا عري القنفذلي راس ورقبه تعوض الله واجزعلك سكته
وفي احد مجالس الشرب ناكف بعضهم مطرش وقالوا والله ياخير وريث معك مقضيها تونه وقشطه وتهباش
قال آخر والله ان راس الملكد احسن من ابوه وبيقعله تجاره فوق التجاره
انتفخت اوداج القنفذلي وقال هيا شفتوا قد قلتلكم سلطانه مابتخيب
واخذ العري ذو الكمر يحشي مخزنه الخاص بكل غنائمه عندما يفيض بها الكمر الاخضر
لم يكن اي احد من عمال القنفذلي يجروء على التفكير بالسرقه من القط
يبدو انهم كانوا يخشون صوته الجاعي ونظرته الحادة بصرامه عري
بعد فترة مات القنفذلي وآلت جل ممتلاكته للعري ذو الكمر الأخضر
الذي رغم ثرائه العريض بكل ماورثه لازال يتهبش من حين لآخر كل ماعن له مزاجه الفخيم
وفي اوقات كان يجلس في وكالة القنفذلي على كرسي ابيه الروحي الذي يبدو انه لم يكن يفتقده رغم انه اعطاه كمرا لم يكن اي عري آخر ليحلم به
وكان العمال والمحاسبين والزبائن يأتون للعري بطلباتهم فيكتفي بنظرات هادئه او صارمه اوغاضبه يجتهد من امامه في تفسيرها وتخمين مقصده السامي
واحيانا يتكرم بالمواء بصوته الخشن الجاعي كصوت جعجعة الطاحونه فلايدع اي مجال للشك في تفسير نبل مقصده العظيم من هذا الأمر او ذاك
ويبدو ان للعري حنكة رهيبه في تدبير اموره فقد وصلت الوكالة لأقصى درجات النجاح وحققت مداخيل مهولة في ظل ادارته العرعريه لدرجة ان البعض قد نسي القنفذلي وصارت تدعى وكالة العري ذا الكمر الاخضر
وامتلئ حوش الوكاله بما حوله بالعراري والبسس من كل نوع وصنف يعيشون في نعيم رأس الملكد الجرني وياكم كراتين تونه وقشطة بالعسل انتهت في بطونها الرطبه
قال بعضهم قده اجر وثواب
وقال آخرون لعله ينالنا من الحب جانب
وحدها سلطانه من عاشت حياة التشرد وانتقلت الى جوار سوق السمك تأكل فضلات الصيادين وتقاتل بشراسه النوارس التي تحاول الفوز بحصة من وليمة سوق الصيد .
علوي بن محمود
تعليقات