من وحي رواية البسروكياتا: بقلم علي البدر

 من وحي رواية "البسروكياتا"


         مرت الليلة ببطء فقد انتظرت لحظات الصباح بلهفة. غدًا أكون إنسانا منتجًا ونافعًا بين طلابي وسط قرية "البسروكية" الآمنة". لابد أن أكون شيئًا مميزًا دائم العطاء. صياح لم أتآلف معه. عشرات الديكة تصيح وبدت أصواتها متناغمة مخترقة حقول الحنطة والشعير والسواقي المتفرعة، أثارت بي الفرحة والارتياح وتلك اللحظات التي تنقلني إلى عالم أحبه ومدمن عليه. 

       ها أنا الآن وسط بحيرة تشايكوفسكي وهو يعزف سمفونيته الخالدة التي تحاكي البجعات بلونها الأبيض الزاهي أو وسط موسيقى باخ أو بتهوفن وسمفونيته السادسة التي أحبها كثيرًا. المهم الآن، أنا مع صياح الديكة وهي تؤذن معلنة ميلاد يوم جديد. مسكين ذلك الديك المنزوي بزاوية الحديقة. سألت أخي يومًا.

-  يا أخي لماذا لا يصيح هذا الديك؟ هل هو أخرس أو ربما أطرش، لا يسمع صوت ديك الجيران؟ 

- اسأله أنت. ردّ متهكمًا وأضاف. إنك ترمي له بقية الطعام وتشتري له الحبوب وتسقيه الماء وتنظف قفصه أيضًا!

- بالحقيقة. قبل أسبوع تقريبًا سألته: لماذا لا تصيح يا ديكنا العزيز؟ فقال. فقال.

- قال ماذا؟ انطق أيها الفيلسوف المجنون.

- قال إنه بحاجة إلى دجاجة.

- عجيب!

- وإنه يرغب برؤية فراخه قبل أن يموت أو يكبر ويضعف وبعد ما...

- اطمئن. اطمئن. سيرى الديك فراخه وسأرى أنا أبناءك بعد أن تختار دجاجتك يا أعز إنسان لدينا.

تقدم مني واحتضنني ورمقني بنظرات أبوية وأنا ألتصق بصدره.

- أنت أخي وصديقي. مات أبونا وأنت طفل تزحف. وآخرُ نفسٍ كان اسمك. وإنك أمامي الآن. وعد مني أنني سأشتري الدجاجة وسنرى هل يصيح أم يبقى نائما للظهر.

وقد أوفى أخي بوعده. دجاجة مرقطة الريش، كبيرة الحجم مع ديكٍ، قال عنه أخي أنه ديكٌ هندي. وكنت أعرف أن هذا النوع من الديكة خاص للمراهنات خلال تجمعات صراع الديكة. وفعلًا، صراع بين الديكين على امتداد النهار كله ونتف ريش دجاجتنا المسكينة وهي راضية وبات الاثنان يتنافسان في كل شيء، حتى في إيقاظنا صباحًا. وخاتمة المطاف، صراع يومي ونتف ريش متواصل جعل دجاجتنا تبيض بيضتين في اليوم أحيانًا.


علي البدر   Ali Albadr


تعليقات

المشاركات الشائعة