لعنة الاحد: بقلم فاطمة موسى وجى

 لعنة الأحد

استفاقت سارة على صوت جارها الحسون، بعد أن فشلت في إيقاظها خيوط الشمس المتسللة إلى غرفتها. وككل أيام الآحاد، بدأت الاستعداد لجولتها الصباحية، ساعة من المشي لنفض هموم أسبوع كامل من الكد والجد.

بلباس رياضي وقنينة ماء انطلقت سارة في همة ونشاط، تعانق الشمس وتغازل النسيم. استوقفتها عجوز تظهر عليها علامات التعب، يبدو أنها قادمة من إحدى الضواحي. سألت العجوز :

_ يا بنيتي، أين أجد الوالي؟؟؟

أجابت سارة : _ تجدين الوالي في مقر الولاية، وهو في المدينة المجاورة. 

تابعت طريقها بعد أن عبرت الشارع إلى الجهة الأخرى، العجوز أيضا تسير على خطى سارة، وتصر في السؤال: 

_يا بنيتي، الوالي قريب من هنا، فقط دليني على الطريق.

_يا خالة، مامن وال في هذه المدينة الصغيرة، لأن مقره يكون عادة في المدن الكبرى.

_مخطئة، فسائق السيارة الذي أقلني قال بأني قريبة من الولي الصالح.

في هذه اللحظة فقط استوعبت سارة أن العجوز تقصد الولي الصالح الذي تمت الإطاحة ببنايته مؤخرا، فأجابتها:

_سيدتي، هذا الضريح الذي تقصدين تم هدمه مؤخرا فلا تتعبي نفسك بالبحث.

_ماذا تعنين بذلك؟

_قامت السلطة بهدمه، لم يعد هناك ولي صالح بكل بساطة.

_ يا ابنتي، لا تكلميني وكأنني بلهاء، الأولياء الصالحون لا يغادرون أضرحتهم أبدا، يسكنون فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وقفت سارة مصدومة حائرة، بأي عبارات وجمل ستقنع المرأة؟! لم يكن أمامها إلا خيار واحد، مسايرة العجوز.

قالت بعد صمت:

_ لم لا نذهب إلى المكان فتري بأم عينيك ماحل به؟؟؟؟

_ هذا ما طلبته منذ البداية لكنك عنيدة لا تفقهين شيئا!!

ابتلعت المسكينة الإهانة في صمت ولم تعقب.

سارتا متجاورتين، كل منهما تسر الأحاديث لنفسها، سرعة الخطوات هي الشيء الوحيد المشترك بينهما. سارة تود بشدة أن تنهي هذه الجولة المشحونة، والعجوز تبتغي الوصول إلى الولي الصالح قبل منتصف اليوم.

بلغتا وجهتها المنشودة بعد دقائق، تنهدت سارة وكأنها أنهت للتو سباقا شاقا:

_ تفضلي، هذا هو الولي الصالح الذي تبحثين عنه، أو بالأحرى مكانه.

غير معقول، أين ذهب به الكفرة؟! لقد تركته هنا منذ شهرين ، حين جلبت ابنتي المريضة ليشفيها!!!

_ألم تقولي أن الأولياء الصالحين لا يبرحون أضرحتهم أبدا؟! يمكنك مناداته، قد يجيبك إن كان يرقد هنا في ضريحه.

قالتها سارة بنبرة ساخرة والتفتت تنوي العودة إلى حال سبيلها.

ردت العجوز بحنق:

_ كيف سيجيبني وقد أثقلوا صدره بكل هذا الركام؟!

ستصيبهم اللعنة لا محالة، وأنت أيضا يا بنيتي، ستنالين نصيبك منها!

همست سارة لنفسها وقد رسمت على شفتيها ابتسامة ذابلة : قد أصابتني اللعنة فعلا حين التقيتك هذا الصباح.


فاطمة موسى وجى-المغرب


تعليقات

المشاركات الشائعة