لقاء على مقعد خشبي: بقلم حسن المزوني

 لقاء على مقعد خشبي

 

بعد ان تقاعد عن العمل، ماتت زوجته. وتفرق أبناؤه في زحمة الحياة،وجدنفسه وحيدا يعيش على ذكريات الماضي.يفتح البوم الصورالمهترئ في صبيحة  كل يوم، ويقلب صفحاته عساه يجد فيه بعض العزاء والسلوان، فالوحدة قاتلة. حتى جاره المقابل لشقته والذي كان يتبادل وإياه الزيارة قد مات منذ شهر .بعد سهرة قضاها مع نفسه بمناسبة عيد ميلاده، فكر في ملء وقته في فضاء ارحب من شقته التي كانت تعج باللعب والحركةقبل خمس سنوات.في صبيحة اليوم الموالي أخرج آلبوم الصور فأحرقه وهو يحرق ماضيه السعيد الذي قضاه رفقة 

أسرته...غادر بيته. وهو ينزل الدرج .قال في نفسه ما الفائدة من صور لوجوه ميتة لا روح فيها ؟وما الفائدة من التملي في وجوه من غادر الى دار البقاء والأخرى حية  قتلت فيَّّ الإحساس بالحياة.؟ لا أحد يسأل عني من الأبناءكل واحد استقل بنفسه وانشغل بأسرته.

قصد حديقة بجوار العمارة التي يسكن فيها،جلس على كرسي خشبي متهالك كجسده الهش.تفاجأ بحمامات تحلق حوله وتحط عل رأسه ومنكبيه وركبتيه بين الفينة والأخرى أحس بالدم يسري في عروقه جراء ذلك.نثر بعض فتات الخبز على الأرض.أخذت الحمامات في التقاطها بالقرب منه. نهض ليمشي قليلا، رافقته الحمائم في تجواله، عاد الى مقعده بعد أن أحس ببعض العياء. أخذت رفيقاته تقوم ببعض الحركات الاستعراضية، وهي تطير حوله .أحس بانتشاء كبير . فقرر ان يقصد الحديقة   كل يوم ويحمل معه مزيدا من البرّ لحيوان يعترف بالجميل. وهو مغرق في تفكيره ،سمع صوت وقع خطوات خلفه لم يلتفت في المرّة الأولى، لكنه حين أدرك أن يدا تربّت على كتفه،استدار ببطء ليجد نفسه امام ابنه الأكبر ، اختلط عليه الأمر، لهول الموقف.جلس الابن بجانبه وأجهش بالبكاء . قال وهو يبتلع ريقه بصعوبة: أرجوك ابتي أن تسامحني، فما أهملت الاتصال بك وتفقد أحوالك طوعا، لقد شغلتني ظروف الحياة عن ذلك.وبحكم أنني فقدت كل شيء عدت لأعيش معك الى الأبد.لم يعاتب العجوز ابنه. مدّ يده إليه ونهضا ليلتحقا بالبيت.قال الأب وهما يمشيان:إن غرفتك موضبة كما تركتها ،إسوة بإخوتك الذين قد يلتحقون مثلك في يوم من الأيام


حسن المزوني.....المغرب


تعليقات

المشاركات الشائعة