أنا سمكة: بقلم ليلى المرّاني

 عودة إلى أدب الطفل

أنا سمكة.. / قصة قصيرة للأطفال 

ليلى المرّاني 


قالت الست هدى، معلمة الرسم

- ليرسم كل واحد منكم حلمه، على ورقة منفصلة.

رفعت اصبعي: ست، لم أفهم.

- يعني ترسم ماذا تحلمُ أن تكون في المستقبل، صورة لحلمك.

وبدأنا نرسم.. قبل انتهاء حصّة الدرس بدقائق، جمعت المعلّمة أوراقنا.. نسيتُ أن أذكر بأن درس الرسم كان من أحبّ الدروس إلى قلوبنا، الست هدى، معلّمة الرسم، كانت تعاملنا بحبّ وحنان، كأولادها، بالعكس من معلّمة اللغة العربية والتي كانت تحمل في يدها عصًا غليظة تخيفنا بها.

وكم كنا نتمنّى أن يكون درس الرسم جميع حصص اليوم، ولكن للأسف نرى معلمتنا المحبوبة مرّة واحدة في الاسبوع، ومعلمة اللغة العربية ست مراتٍ في الأسبوع ، فأهرب مرّات كثيرة من الدرس، ويكون عقابي ضربًا مبرحًا على أصابع يديّ.

في درس الأسبوع الثاني، قالت الست هدى:

- رسوماتكم كلها جميلة، والآن دعونا نراها الواحدة بعد الأخرى.. 

بدأت ترفع الأوراق كي نراها..

- أحمد رسم صورة ضابط كي يدافع عن الوطن.. علي يريد أن يصبح طيّارًا كي يرى جميع بلدان العالم. . نزار مهندسًا كي يصمم عمارات وناطحات سحاب. . فؤاد طبيبًا كي يعالج الفقراء و.. و .. و وكانت ورقتي هي الأخيرة

- والآن، أنظروا إلى  هذه الصورة..

ورفعت ورقتي

- ساطع رسم سمكة..

التفت الجميع نحوي مندهشين، وأخذوا يضحكون

- هدوء.. لا داعٍ للضحك.. دعونا نعرف من ساطع لماذا اختار أن يكون سمكة.

بقيتُ صامتًا، انظر في وجه معلّمتي..

- هيّا ساطع، هل تحبّ أكل السمك؟

- لا.. 

- ولماذا اخترت أن تكون سمكة؟

صاح أحدهم ضاحكًا: كي نأكله..

وعلت ضحكاتهم.. وضعت رأسي على منضدتي ، وسددتُ أذنيّ بأصابعي.

- كفى.. دعونا نفهم من ساطع.. بالتأكيد لديه سبب معقول.. هيّا يا ساطع..

- أنا أحبّ الماء.

صاح آخر

- كلّنا نحب الماء.. والسماء.. هل تحب السماء؟

ابتلعت ريقي، وتحفّزت أن أقول ما عندي بوضوح، ولكن تعليق أحمد استثارني 

- وما علاقتك بالماء والسمكة؟

- السمكة تحب الماء مثلي، ولا تستطيع العيش بدونه، ولهذا أحلم أن أكون سمكة كي أعيش في الماء.. ولا أرتبط بالسماء، لأنها بعيدة ولا أفهمها..

صاح علي ضاحكًا: - ولكن في الماء سوف يأكلك ( الكوسج أو القرش ).. 

- ربما..

- أو ربما يصطادك أحدهم.. قال فؤاد بسخرية

- لن أهتمّ..

هنا قالت الست هدى: وهل تعرف ماذا سيفعل بك؟

- نعم.. سأكون وجبة غداء لأطفاله الجائعين.

ذُهلت معلمتي.. وزّعت نظراتها المستغربة على الآخرين.. فترة صمت.. ثم قالت بانفعال

- صفّقوا جميعًا لساطع..

صفّق الجميع وهم يضحكون

اقتربت مني ست هدى، وقالت بحبّ: أنت رائع يا ساطع..

ومن يومها أصبح اسمي ( سمكة )!



تعليقات

المشاركات الشائعة