أزقة حلم: بقلم ميسون يوسف النزال

 أزقةُ حلمٍ


هناكَ أمامَ فوهةِ الغروبِ

يتسارعُ ظلي لينشطَرَ عني

كأنني كنت عبثا أحمله تحت أسرجةِ النهارِ

أراهُ يحتضرُ

ينشدُ لحنَ العبوديةِ

خلفَ منحدراتِ التلالِ

أكثر من أربعينَ عاما

 مرغمان على التوشحِ بسرابِ التمغنطِ.. 

حدائقُ النسيانِ

تلمِّعُ الخناجرَ المعلقةِ في حزامِ الذكريات

وأنا العالقةُ هنا..

خفيفةٌ مثقلةٌ بهديرِ الحروبِ

أروي لكِ يا أمي عن إيقاعِ قصائدي...

عن ليلٍ طويلٍ أقضيه في مناجاةِ اللهِ..

عن أجملِ الأشياءِ.. عن أتفهها..

أروي لكِ كيفَ تسفكُ الأرواحُ على نعشِ الموتِ..

كيفَ أحملُ جثتي.. فوقَ صهوةِ الغيابِ

كيفَ تنهارُ الأبجديات أمامَ بيتِ النحيبِ..

أنا بخيرٍ يا أمي...

لاعمرَ يكفيني لأدونَ لكِ روايتي

فأنا لم أولد بعد..

مازلتُ أمتطي هودجَ الكبرياءِ

في رحمِ الأوهامِ

أقبلُ أقدامَ الأطفالِ

قبلَ أن تتوسدها محابرُ النفاقِ

واثقةٌ أنني بخيرٍ

فأنا على أرصفةِ الصقيعِ

أقلبُ مكعباتِ الموجِ

أنتظرُ خمسين عاما أخرى

قبل أن ينضجَ الرحيلُ

على عكازِ الأمنيات

حينها فقط.. سأخبركِ لماذا أنا بخيرٍ يا أمي؟

رغمَ أنني لا أأمنُ بالرياح

ولا عواصفِ النزوح

إلا أن صوتكِ ينددُ بلقاءٍ تفتعلهُ نبضاتُ الشوقِ

آهٍ يا أمي..

حين أطرق أبوابِ دمشقَ

أو أترجلُ على سفينة موتٍ

أو حتى أسبحُ في نهرِ النيلِ

او تحملني مياه الفرات

لأنقذَ ما تبقى مني من دوار الزمنِ

حينها فقط سترين كيف يستكينُ

طوفان الحنينِ

كيفَ تنجو الحقيقةُ في الوطنِ العتيق

كيفَ ينتظرنا الموتُ عند الانتهاءِ

من قصصِ العرافات..

علمتني الحياةُ يا أمي أن أصنعَ ما أريد

حتى على رمالِ الشاطئ المنهارة فيه قلاعٌ تعطشت ألاّ تفنى إلا تحت مياهِ الغدر المالحةِ...


ميسون يوسف نزال / فلسطين



تعليقات

المشاركات الشائعة