نخيل بلا رؤوس: بقلم علي حداد

 نخيل بلا رؤوس


قصة علي حداد

من لا يعشق طيور سمائه وعصافيرها ..ولا يحب نخيل ارضه ولا اسماك نهريه ...فلا تتوقع منه ابدا 

ان يحب بلده  لأنه ليس منه


الاهداء:  الى مذيع الأخبار المهيب غازي فيصل وصاحب الصوت العذب مشتاق طالب والرائع ابدا فخري الزبيدي والمشاكس الجميل ثامر مهدي 


حين دخولي الى صالة عرض اللوحات الفنية  اغتيل الصيف ودحرت حرارته وهزم لهيبه شر هزيمة ولفحت وجهي نسائم طيبة من هواء عذب وعطور الناس  وشعرت ببرودة شديدة ولذيذة ..وكان الجمهور مأخوذا في ابحاره مع اللوحات المعروضة وكأنما كانت للجدران احضان دافئة لتلك الارواح المرسومة  في اللوحة والبعض منها كما خيل لي كأرواح حزينة وميته  وكان الجمهور يبدو من الرقة ورهافة الحس انه يخشى ان يرفع صوته خشية ان يستيقظ الفلاح النائم في اللوحة تحت شجرة البرتقال الجميلة..وكانت  اذني  تستقبل الكثير من التعليقات..والقاعة تغص بالكامرات  لقنوات تلفزيونية والهواتف النقالة يمتليء بها المكان  لتصوير اللوحات  ..وتسمع حفيف الضحكات الكاملة والمبتورة ولو هيأ لك ونظرت الى سيقان الجمهور لوجدت من يمشي وكأن احدهم كان يدفعه دفعا ..وآخر يجري لينتهي من هذا المشهد التافه وآخر يلتهم اللوحة بعينيه ..وآخرون تعلقت ارواحهم في بساتين اللوحة واشجارها الباسقة والشامخة ..والانهار التي غصت وتكاد تختنق بالاسماك..والطيور والعصافير التي غطت السماء حتى لايكاد لون السماء يبدو واضحا ..توقفت عند لوحة لهور الجبايش تحلق فوقها طيور غريبة قسم منها مثل عفاريت وراح  الفنان يجيب على سؤال احد القنوات

_ نعم كان هناك اكثر من سبعين نوع من الطيور تأتي الى الاهوار  من كل سماوات الكون وجزره واكثر من سبعين نوع من الاسماك وهذا هو الغريب في الموضوع وذلك لان العالم لم يشهد مثل هذا التجمع العجيب والغريب ..ورايت ما احزنني فعلا لوحة لشارع طويل تكحل جانبيه نخيل تسر الناظر اليها.. لوحة اسرتني وكاد

رأسي ان ينفجر فخلاياه ضجت بأسئلة حزينة وانا استرجع جولاتي في بغداد ورؤيتي للكثير من نخيل بلا رووس واشجار مقطعة   ..مثل من اراد  ان يعاند الرسول < ص > حين قال 

_ داروا عمتكم النخلة ..و لا يجوع من كانت في بيته نخلة 

وكانت الناس تردد كيف لهولاء ان يقطعوا رؤوس كائنات حية هؤلاء وحوش كاسرة ولا أتمنى لمن يحب بلده ان يشاهد منظر الاغتيال الجماعي في مدينة الدورة والى ما شاء مخربوا البلد انه اشبه بحرائق المزارع ايام الحصاد  وقتل دجاج العراق ووضع السم لااسماكه وقتل اسماك الاحواض ..هي اذن خطة ونهج متقن لتدمير ارض السلام وتخريب وتغريب حضارته..

خرجت من القاعة الباردة الى جحيم الشارع  لأني لم اجد اوجاع  الناس واحزانهم في تلك اللوحات ..

تصور شقاء وادي الذئاب < وادي الرافدين > سابقا ...            

 


رأيت بأم عيني هذا الفنان الشهم الذي كان يعرف ان لوحته مزيفة  وان  الفلاح النائم تحت شجرة البرتقال الجميلة  بعد ان اتعبه الظلم والشقاء رمى بجسده مثل جثة لايرغب ان تعود اليها الحياة ..

حياة اكثر زيفا .... والاكثر موتا


17\9\2023



تعليقات

المشاركات الشائعة