سمير والبلبل الصغير: بقلم ليلى المرّاني

 عودة إلى أدب الطفل

سمير والبلبل الصغير….

قصة قصيرة للأطفال

ليلى عبدالواحد المرّاني 

                               

في عيد ميلاده السابع، أهداه والده بلبلاً صغيراً في قفص حديديّ أزرق، كانت فرحة سمير كبيرة… أخذ يدور حول القفص ويضحك… قبّل والده شاكراً…

- بابا، هل هو ذكر أو أنثى؟

- ذكر يا عزيزي…

- وكيف عرفت؟

- من ألوان ريشه… أتعرف يا سمير أن عالم الطيور عالم غريب؛ فالذكور تكتسي بريش ذي ألوان جميلة زاهية، بينما الإناث ريشها باهت ولون واحد…

قرّرا أن يُعلق القفص في الممرّ الذي يفصل بين غرفة سمير والصالة، كي يسمع تغريده كلّ صباح، وفِي النهار يعلّق القفص على جذع شجرة في حديقة الدار لساعةٍ أو ساعتين….

ما أن يعود سمير من المدرسة، حتى يسارع إلى بلبله، ينظّف القفص، ويغيّر الماء، ويضع له الحبوب، وأحياناً قطع فاكهة صغيرة أو طماطم…

تغريد البلبل الصغير كان يدخل الفرحة لقلب والد سمير وأمه، ولكنه أصبح يثير الحزن في قلب سمير… وحين يسأله والده عن السبب، يقول:

- إنه يبكي يا أبي…

- كيف عرفت؟

- تغريده حزين…

مرّ أسبوع، واسبوعان، والبلبل يزداد تغريده حزناً… أصبح يشرب الماء فقط، ولا يقرب الحبوب…

- ماذا بك يا صديقي؟ لماذا لا تأكل؟

انطلق تغريده ضعيفاً… وحاول أن يطير داخل القفص، فتصطدم جناحاه بأسلاكه الحديديّة… سقطت ريشة… وريشتان؛ فتوقّف يائساً… حاول أن يغرّد من جديد، وصلت نغمات تغريده إلى مسامع سمير، حزينةً يستعطفه…

                            يا صديقي سمير

                            إفتح لي الباب

                            كي أطير

                            السماء موطني

                            والشجر بيتيَ الأثير

                           أريد أن أطير

                          أريد أن أطير

نظر سمير حوله، وحين لم يرَ أحداً، فتح باب القفص وأخرج البلبل… قبّله وداعب ريشه الناعم… خرج به إلى الحديقة وأطلقه في الفضاء ودموعه تنهمر… دار البلبل دورتين حول سمير، ثمّ انطلق محلّقاً، فاردا جناحيه بسعادة… حين عاد والده ورأى القفص فارغا، سأله:

- أين البلبل يا سمير؟

- طار يا أبي…

- كيف طار وهو داخل القفص؟

- فتحت له الباب… كان يبكي يا أبي…

وبكى سمير، والتصق بأبيه… احتضنه والده، وقبّله…

- لا تبكِ يا حبيبي… حسناً فعلت… الطيور خلقها الله حرّةً طليقة؛ فلماذا نحسبها داخل الأقفاص؟

في صباح اليوم الثاني، سمع سمير نقرأ خفيفا على زجاج نافذته… أزاح الستارة… رأى صديقه البلبل ملتصقاً بنافذته… فتح له… حمله بين يديه وقبّله…

أطلق البلبل تغريدة سعيدة، وكأنه يقول:

                        شكراً يا سمير

                       شكراً يا صديقي الأثير

وفي كلّ صباح، ينقر البلبل نافذة سمير، ويوقظه من حلم جميل….




تعليقات

المشاركات الشائعة