الحارس: بقلم قحطان عدنان السوداني

 الحارس

فضوله والهواجس استنفرا، هناك ليس ببعيد، صبية تنكب في اجتماع مريب، ما بعد الغروب، عند عمود النور، الرؤوس تلاصقت ببعضها، وببعضهم صنعوا جدارا، رأس علا ليراقب الطريق، وما إن خلا من آخر مصلي بالمسجد الذي اتخذوا عند جداره اجتماعهم، علت همهماتهم والهمس.

صفير من فقه مايراه أجابه صفير، وصغيرهم يخفق قلبه الصغير.هناك عند عمود النور

مشهدهم أثار الفضول والهواجس.

العم ياسين الذي يغلق باب الجامع كل يوم ويخلد إلى حجرته في الداخل، أغلق في هذا الغروب الباب بهدوء مخافة أن يحدث صريرا. عند الحائط اليوم أمر جلل.. حرمة  تنتهك، لكن لا يعرف ماهية الانتهاك. ذاك الأنزواء جعل الشكوك تحوم.

الترصد سيحيل الشك يقينا، حدّث نفسه واستطرد.. الانقضاض يجب أن يكون سريعا، السرعة والحزم يئدان كل مريب في مهده، وفي مهد الاجتماع ، وكرّ العم ياسين كالصقر محملقا. حاول الكل نفض جناح الهزيمة والفرار كالعصافير الشاردة.زمجرة صوت العم سمّرت العصافير في مكانها، وأسقط في أيديهم..  مبرز الواقعة لم يعط  للوجوه الباسرة أن تدافع عن نفسها، وعن نفسها هي استغربت..هل كل هذا البصاق مستوجب!!..

فوارغ كيس تناولوه من مكب أزبال الحي ، مسحوه بأكمام قمصانهم لتسفر صورة لامرأة تلبس جوربا، رفعت التنورة عن ساقها قليلا. هل كل هذا يستوجب أن تكون اللحظة مشحونة وتزداد اتّقادًا؟ المتجمهرون حول الصبية من أتى بهم  

صوت العم ياسين، شاركوه الضرب نصرة للفضيلة المنتهكة، وقرب جدار الجامع بدا فتح مبين، فتح به، روائح البصاق المتنوع أزكمت أنوف الصبية ، ولم يعمّ السكون المكان حتى أتى من جانب الشارع رجل ينادي .." ألم يكن بكم رجل رشيد! "

إنفض التجمهر، وخلد العم إلى حجرتة، أخرج من جيبه  صورة ،صورة بلا تجمهر، مسحها بكمّ ردنه، امرأة تلبس جوربا ،  خياله رفع  طرف التنورة أكثر ،  ثم نام متوسدا خياله.



تعليقات

المشاركات الشائعة