حقيقة مرة: بقلم ناديا العابد


حقيقــة مُــرّة


أمسكت بالنقود بيدٌ مرتجفة

حبست آهةً حاولت الافلات من صدرها المخنوق...

تلمست النقود

حركّت شفتيها لقول شيء ما ..ابتلعت الحروف وصمتت مجبرة

-:يمكنكِ المبيت هذه الليلة والمغادرة غدا صباحا...واشاحت بوجهها للجهة  الثانية

-‏مشت المرأة العجوز بضعة خطوات ثم استدارت نحو سيدة المنزل

-‏-:هل ازعجتك بشيء سيدتي هل قصرت معك ...هل رأيتِ مني مايريبكِ؟؟

-‏قاطعتها سيدة البيت بضجر

-‏-‏-:كلا كلا انتهى الموضوع... لا اريد التحدث بالأمر ..إنصرفي لغرفتكِ.

-‏نظر اليها زوجها نظرات عدم رضىً

-‏هز رأسه غضباً

-‏نهضت مسرعة صعدت للطابق العلوي دون ان تلتفت خلفها ..

-‏....

-‏راحت العجوز تلملم بضعة اشياء تعود لها وضعتها بارتباك ودون ترتيب في حقيبة سفر بالية.

-‏كانتا قطعتا ملابس جديدتان جادت عليها بها سيدة البيت.

-‏مصحف وسبحة ..إزار صلاة

-‏دست الجميع في الحقيبة 

-‏تلمست النقود في صدرها..

-‏كانت تتقاذفها مشاعر مختلفة..

-‏فرح يطرق قلبها..لم تكن تحلم يوما بالحصول على مبلغٍ بهذا الكم

-‏وحزنٌ لعدم معرفتها سبب استغناء سيدتها عنها رغم سرورها بما كانت تقوم به من خدمة تجاه سيدتها والبيت ..

-‏راحت تفكر بأي خطأ قد ارتكبته أغضب سيدتها لم تجد جواباً

-‏قاطع تفكيرها طرقٌ على الباب 

-‏دخل سيد المنزل 

-‏ناولها رزمة من نقود نظرت اليه متسائلة

-‏أشار لها بالصمت ..حملت حقيبتها الخاوية من فرح جاد على قلبها بغيثه وانقطع 

-‏ودعته وطلبت منه نقل تحياتها وشكرها لسيدة المنزل

-‏-:يمكنك البقاء هذه الليلة..

-‏-:كلا..سألحق بالحافلة المغادرة وأصِل مع المغرب شكرا لك سيدي.

-‏-:لاتشكريني لكن اتمنى ان تعذريها.

-‏-:لاعليك سيدي.

-‏....

-‏كانت تتابع خطواتها وهي تبتعد عن المنزل حاملةً هموما تثقل كاهلها وفكرها

-‏قاطع صمتها زوجها بعصبية

-‏-:هل ارتحتِ الآن ..لن تجدي إمرأة بأمانتها ونشاطها .

-‏-:تعلم السبب لاتناقشني رجاءً

-‏-:انه هروب أجل تهربين من حقيقة مُرة تقض تفكيركِ ومضجعكِ...اتساءل احيانا كيف تخرجتي قاضية وانتِ أظلم الناس.

-‏-:كفى أرجوك إني اموت كل لحظة تقع عيني عليها...

-‏-:لانها تذكرك بأفعالكِ

-‏نظرت اليه واجهشت بالبكاء

-‏-:إبكي...أجل إبكي لعل الدمع يخفف مازرعته وتجنيه الآن .

-‏-‏-:آهٍ لو ادري اين هي الآن ل سارعت لأحتضانها ولثمها...آهٍ آه..قلبي يتقطع .

-‏.....

-‏أخذت مكانها في الحافلة المتجهة لمدينتها

-‏تلمست رزمة النقود التي اعطاها اياها سيدها..كانت هناك ورقة مندسة بين النقود سحبتها...عنوان لسيدة تسكن في مدينة قريبة لمدينتها..تسكن لوحدها مع ابنتها الضريرة الشابة...رقص قلبها فرحاً

-‏صاحت بالسائق بالتوقف للنزول لانها أخطأت بالسيارة والوجهة

-‏.....

-‏في مكان ما...

-‏ إمرأة مسنة تحتضر

-‏تجلس عند رأسها فتاة شابة تواسيها وتخفف عنها

-‏دخلت عليها شابة أخرى 

-‏-:ها...كيف حالها؟

-‏-‏-:لااظنها ستنجو ...اليس لديها أهل نتصل بهم؟؟

-‏-:يقال ان لها ابنة ربما طبيبة او محامية لاادري بالضبط تزوجت من طبيبٍ جراح مشهور ...وكانت المرأة المسنة تعمل حينها في خدمة البيوت لتصرف على ابنتها حتى تخرجت لكن ابنتها تخلت عنها ...بعد زواجها استعّرَت منها...لكن لا احد يعلم عنوان ابنتها..هي كانت ترفض الافصاح عن اي شيء يخص ابنتها.

-‏-:مسكينة عاشت حياة ًقاسية وابنتها تنعم بالسعادة يالهذا القدر...


ناديـــا العابـــد


تعليقات

المشاركات الشائعة