الجزاء: بقلم ثائر البياتي

 الجزاء..

لم يهدأ، يكاد أن يقطع السلسلة أو يقتلع الوتد، يطلق أصواتا متداخلة بين التوسل وبين الغضب، بين التهديد وبين اليأس، لسانه يتدلى و لعابه يسيل، تلتمع عيناه بشهية عارمة، منذ يومين وهي هناك خلف نافذة المطبخ، ليس أكثر من نصف متر، أخذت كل انتباهه و استفزت كل أعصابه، الأدهى إنهم لم يعطوه طعاما!!، لم يلتفت خوف أن تنقطع شهيته، لم ينم خوف أن تغرب عن عينيه. حاول أن يحفر حول الوتد، لكن كيف لمخالبه أن تحفر الأسمنت؟، حاول أن يقضم السلسلة، لكن كيف لأنيابه أن تقطع الحديد؟، ضاقت به السبل و أعيته الحيلة، بات يرتجف توترا وحنقا، جوعا ولهفة، لا أمل له سوى استجداء شفقة صاحبه، لكن صاحبه ظل يردد نفس الكلمة الغريبة الغامضة، التي لا تعني له على أية حال شيئا، همه وهدفه الآن يشغل كل تفكيره. بعد ليلة طويلة؛ خرج صاحبه وجلس القرفصاء قبالته، فانتهزها فرصة أخيرة، وثب عليه لاعقا وجهه ويديه، توسلا و استدرارا لعطفه، لكن صاحبه كررها ثانية: لا تتعجل لا تتعجل، نهض وأتى بها، لفرط جوعه وطول انتظاره؛ لم يميز طعما مختلفا لها، مزقها و التهمها بلقمتين، أخيرا تحقق الحلم، قطعة اللحم في جوفه، أقعى بهدوء، يمسح بلسانه فمه مستمتعا بهذا الترف.. عند الظهيرة؛ دفنوه في الحديقة الخلفية، فما فائدة كلب هرم لا يقوى على الحراسة!!!…



تعليقات

المشاركات الشائعة