بلا قشور: بقلم محمد يوسف



** بلا قشور **


تعودت في كل ليلة’

أن أواسي نفسي بنفسي،

أخاطبها بلِسان أخرس لا يجيد نطق الكلمات،

وهي تتمتم معي بمصطلحات عبثية لا معنى لها،

وأحيانا نداعب بعضنا بخنجر الذكريات..

وحين أجدني قد مللتُ مني ومن حديثي،

أحملني على اجنحتي المكبلة واطلق العنان عاليا،

أسافر معي إلى عالم الخيال،

حيث لا توجد حدودا تُقيدنا ولا أسلاكا تمنعنا،

بلا اقدام نعبر كل الحواجز ‘

ك سحابة بيضاء نحلق فوق البحار ،

ننحدر ك شلالٍ من الجبال إلى السهول والوديان.¡¡

– هكذا كنت اقضي معظم الليالي مع نفسي”

أما هذه الليلة فكانت مختلفة تماما..

حيث كنتُ بكامل جسدي الهرم مستلقيا على ظهري

ممددا ك مومياءٍ محنطة فوق سريري البارد

سريري الذي لا فرق بينه وبين لوح الجليد”

كل شيء من حولي كان باردا ..الجدران .. السقف ..

حتى خزانة ملابسي الأثرية ‘

أحسست بانها قد تحولت إلى ثلاجة لحفظ الماضي.

لا شيء يملأ فراغ غرفتي سوى الصمت

و لا شيء يدفئ صقيع وحدتي سوى جمر الشوق

ونيران الفقد الملتهبة.

رحتُ أسأل نفسي أسئلة لا جواب لها..

– ترى .. لِمَ كل هذا القلق والتوتر ؟؟

مع ان عتمة الليل تجلب السكينة والهدوء..

– لِمَ كل هذا الخوف من الغد المجهول ؟؟

– لِمَ كل هذا السواد الذي يخيم عليّ من الداخل والخارج؟؟

مع ان الانارة عندي كاشفة لا تقل عن انارة المسارح الضخمة.

– بقيت أسئلني وأنا أدرك بأنني لا املك الأجوبة…

..وفجأة ” شعرت بها وهي تتسلل إلى ذهني خلسة’

كأنها لصة محترفة تجيد فتح أبواب الرؤوس المغلقة..

في بادئ الأمر ‘ لم أعرها أي اهتمام ‘

ظننت بأنها فكرة عابرة وستنتهي بمجرد أن أخلد إلى النوم..

أطفأت النور وخبئت رأسي تحت الغطاء

قلت في نفسي لعلها ستشعر برهبة الظلمة فتهرب..

لكنها لم تفعل..

حاولت تجاهلها ورميها خلف ظهري ‘

لكن كلما اغمضت عيوني كانت شعلتها تتوهج اكثر

وطنين إزميلها الفتاك يزداد وهو ينخر المخيخ،

حاولت بشتى الطرق أن انتزعها من رأسي ‘

لكنني لم أفلح..

بقيّ إزميلها ينق وينحت في جمجمتي الهشة

حتى أيقظ جميع خلاياي النائمة وحواسي المتجمدة..

وهنا أدركت بأنه لا خيار لي سوى الاستسلام لها ”

أوقدتُ شمعتي و جلست خلف طاولتي،

وبدأت أرسم لها طريقا مستقيما بريشتي’

لعلها تخرج من رأسي وتريحني..

لكن كيف أخرجها للعلن وهي مازالت عارية .؟؟

رحت أبحث لها عن قطعة قماش يكون لونه محيراُ

لا بالشفاف الكاشف ولا بالغامق الغامض،

لأفصل لها ثوباً يليق بها وتستوعبها أغلبية العقول.

لأن ” الفكرة ” لا تقبل الخروج بثوب مرقع أو فاضح،

تماما كبعض البشر لا يريدون رؤية” الحقيقة ” وهي عارية.¡¡

***

على جسد الأوراق

تتهيج رؤوس الأقلام.

أفكار عارية.¡¡


بقلم محمد يوسف  /سوريا


تعليقات

المشاركات الشائعة