مخاض: بقلم رافع الفرطوسي

 مخاض

بدأ باحتلال مساحة واسعة من دماغي ، استحوذ على أفكاري و استباح حرمات التقويم للساعات واللحظات ، خلط الليالي بالنهارات حتى تشابهت بكل شيء ، يعكف على إزاحة الكلمات من ذاكرتي ، يرسل الرسائل الخطيرة بأنه سيحطمها.

منذ أن اقتحم رأسي ، متسللا من نافذة خيالاتي كفكرة اعجازية أدهشتني برونقها - وهو ينمو كورم لن تزيله عقاقير الحروف أو تجتثه الانامل التي تنبش في عمق الحقيقة ٱملة أن تعود بقبضة من كلمات تنثرها على درب الورق.

يقودني العزم على أن أواصل الطريق معه حتى النهاية ، ولست أدري هل هي نهايته ام فنائي ،او كلانا معا .

صراع اشتعل ليعلن الأرق والتوتر و فقدان الشهية، واللامبالاة بكل الاشياء سواه.

في لحظات شرودي أرى شعلة المجد تتقد في معبد الأفكار ، كما أراه أيقونة يضج بنورها محرابي العتيد فيغبطني عليها الصديق ويحسدني خصم لم أشهر مخاصمتي له . ثوان من الوعي كصفعة معلم ناصح تزلزل غفلتي وترمي بجسدي و روحي على قارعة الوعي ، فانهض ولا شئ في مدى البصر سوى علامة الوقوف .

أدرك رغم احتدام الصراع أن مازال له تتمة ، وبي بقية ، لم يزل ذلك الناقوس الذي دق منذ اولى سنوات صباي حاضراً ، وما برح الصوت ولا الصدى.

لست اشكو إن قلت أنه يعبث بي روحا و جسدا ، هذا المخاض قد يكون قاتلا مع سبق الاصرار و حسبي أن يكون الوليد معافى . و لست ٱبه بمصير أحد.غيره ، فهو اعلان عن بعث جديد منذ لحظات تكوينه الاولى ، مذ جاء متسللا كفكرة اعجازية أدهشتني برونقها و انا انعم بمٱسيه معلنا مشاركته في احتلال ذاتي و السيطرة على وجداني..

قد يخرج ، غير انني لن اطلب منه إلا الخروج كاملا ، سيمكث طويلا متنقلا بين ذاكرة و حاضرة ، سيسكن أينما شاء مستغلا تذاكر الاقامة التي تصدرها كبريائي المشتعلة مانحة أياه كل امتياز بالمجان.. و سيخرج متى شاء مؤطرا بإبداع مستحيل .

هذا النص سيقتلني و يعيش أبدا .


رافع الفرطوسي

البصرة



تعليقات

المشاركات الشائعة