مخاض الأمل: بقلم أميمة معتوقي

 [[…مخاض الأمل …]]

=================


أشبه بالموت كانت تلك الفكرة ، او ربما اشبه بانتزاع الروح.. الذنب يجر الذنب وتمتلأ صفحة القلب بالسواد رويداً رويداً.. تفتت الصورة إلى أدق أجزائها ثم اضمحلت الرؤية حتى بت شبه عمياء..

 شفاه الانتظار تتملص من شريعة الوعد، والطرقات تلوك أملي بضمير ميت..، هناك ترامت بضع كلمات ما أشبهها بمقصلة القرار..، بترت حتى الذكريات ليكون من نصيب عقلي زهايمر الرحمة.. وعلى الطرف الآخر رجل ريفي يلملم دموعي فرحاً لايدري ما يحدث.. كلما ملأ سلته راح يسقي بها سنابله الراكعات وأشجاره الباسقات..، ثم يعود ببصر كالحديد ليعاود جمع المزيد.. 

لست أدري، ينخر رأسي عزف الريح على خصر السنابل وصوت قهقهة الورق الأصفر.. فضحكاته مخيفة كعتمة ليل ساهر لوحده بعد أن تعرض القمر لمحاولة اغتيال من عصابة من السحابات الداكنة اللون، برمادية تسحق النخاع وتطبق على الصدر ككابوس يحلو له أن يجثو أواخر المساء.. هنيئاً.. فقد ارتوت من حزني حتى الأرض لا سنابلها فقط.. وما كنت لأدرك أنه مع لمعة أول خيط للفجر سيعلو نحيب السماء وعويل البرق ويختنق أنين السحاب ثم تصطك أسنان الخريف لتتساقط من فم ذلك العجوز، متزاحمة تنافس التجار على بضاعة مضروبة، فلا يبقى باب إلا ويغلق ولا يترك نافذة إلا ويلقنها درساً في الذعر والرهبة.. 

غصت الأرض بخطوات الهاربين وتقيأ الليل كل أوجاعه دفعة واحدة.. هناك أنا متسمّرة على قارعة الانتظار.. كلما لفحتني ريح الشك أتبعتني صفعة على خد اللامبالاة.. فأتوه وأتوه لأؤثر ركوب ارجوحة تتناولها يد حانية من جهة لتدفعها يد النكرة من الجهة الأخرى.. 

تلاشت السطور وبدأت أدور حول نفسي .. هل أقلع كصقر يبحث عن فريسة، وقد يتحول هو نفسه إلى فريسة، أم أشد وثاق الثبات وأتخذ قرار الصمود.. 

الفضاء رحب جداً أوسع بما يقارب ترليون مرة.. _رقم سمعت به وأظنه كبير جداً _من حدقتي.. المهم.. كيف سأجري معادلة التناسب مابين وسع هذا الفضاء المهول وبين صغر مقياس جَلَدي وانا ذات العشرون وأشهر.. 

كيف للربيع برغم جماله وعذوبته أن يكون بكل تلك القساوة.. يتأخر كعادة الملوك وأنا التي ذبحني الشوق لأتفتح حال كل أزرار الورد من أسلافي السابقين.. 

لأكتشف ببراءة الطفولة أنني لست وردة.. كنت قلباً يؤذن مع كل نبضة أن حي على اللقاء.. أضخ في عروق العهود أهازيج الحياة فلا يبق عود أخضر إلا وأتدفق فيه روحاً تضج بالفرح.. أبهري جذع شجرة انقبضت لتشحذ همم العصافير وترتب سلالمها الموسيقية ولتعطي تصريحاً لملكة النحل أن تبدأ الأعراس من قصرها السداسي.. ثم تنفرج عن مأدبة للأرض ضيفة شرفها شمس بأوج جمالها.. 

روحي تسللت إلى كل خلية في هذا الكون بدءاً من

عينيه وانتهاء بعطر غفى على صفحة صدره.. 

احتضنني وابتدأ العمر رحلته الجديدة.. 

اقرأوا خبري عنواناً عريضاً على أول صفحة في الجريدة.. 

امرأة آمنت بالحب فما خذلت.. 

___________________

أميمة معتوقي 

سورية


تعليقات

المشاركات الشائعة