أحلام مستنسخة: بقلم محمد جبر حسن

 قصة قصيرة 

احلام مستنسخة


خمسون عاماً مرّت من عمره، وحيداً بلا زوجة، ولا أطفال، ولا إخوة، مثل غصن مكسور من شجرة ميتة، سنواته عجاف، لم يرَ فيها بقراتٍ سماناً ولا سنابل قمح ممتلئة، يعيش بحلمٍ قديم يراودهُ منذ ثلاثين عاماً أن يتزوج بنت الجيران التي احبّها واحبتّه لكن ضَنك العيش منعه من تحقيق هذا الحلم.

منذ فترة ليست بالقصيرة اعتاد على ممارسة هواية غريبة وهي الاستمتاع بأحلام يقظة تنقله -ولو مؤقتاً- من واقعه المرير الى عالم آخر يلهيه عن ما يعانيه من قسوة العيش وقلة ما في اليد، يُبقي عينيه مفتوحتين لأحلام تمرُ امامه مثل شريط فيلم مصور، وأكثر هذه الأحلام استمتاعاً عندما يضع رأسه على الوسادة بعد يوم عمل ُمرهِق ومُتعب ومُمل، حينها وقبل أن يستسلم للنوم يبدأ بتوزيع الأموال، والعطايا.. بيوت فاخرة وسيارات حديثة، وتوفير فرص عمل لكل من يعرفهم من الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، يفرح جداً وتأخذه نشوة غامرة عندما يرى سعادتهم الكبيرة وهم يتلقون منه هذه الهدايا، رافقته هذه الأحلام في كل مكان، وهو يمشي، أو يأكل، أو بعمله بمحل استنساخ(الملازم المدرسية) وكتيبات تفسير الأحلام وأبراج الحظ..

 صار أسير هذه الأحلام ويستمتع كثيراً بهذا الأسر . 

في ظهيرة يوم قائظ ازدادت أعداد الناس الذين شملهم بهذه العطايا، حتى إنه نسى أن يشمل نفسه ويحلم- مجرد حلم- بأقامة حفلة بسيطة لزواجه بالبنت التي هام بها قلبه! 

في حالة اللاوعي ضغط سهواً على زر صغير بجهاز الاستنساخ الذي يعمل عليه وأبقى اصبعه لعدة ثواني، انتبه بعدها لحالة غريبة! 

شاهد الأوراق التي تخرج من الجهاز مطبوع عليها صور لجميع احلامه التي كانت تعشش في رأسه.. بينما بقيت ورقة واحدة محشورة في داخل الجهاز تحمل صورة قديمة لحبيبته.


انتهت.

محمد جبر حسن 

بغداد



تعليقات

المشاركات الشائعة