من جيب معاناتي: بقلم رافع الفرطوسي

 (( من جيب معاناتي ))

من جيب معاناتي

أُخرج كفاً دون أصابع

فالخنصر أعماه طموحُ أزلي

سافرَ ..

كي يُجري عملية تكبير ولم يرجع

وغضب البنصر من عدوان أخيه

فسافر هو الآخر ولم يرجع

و انتحر السبابة لأسبابٍ ما زالت مجهولة

فالبعض يقول

بأن العض الناتج عن رحلة ندمٍ قد أعياه

ويقول البعض الاخر

أنه شارك في التصويت على تنصيب السلطان

فجازاه رعاه الله

بقلعِ واجتثاثِ حتى البعث !

فأمتعض الابهام وهاجر

كي لا يُجبر أن يدخل محكمة التاريخ

كشاهد زور

فيقول بأن البوم يغرد ولا ينعق

ويقضي ليلته سهران

لخدمة سكان الاغصان

فتُعلق كل قضايا العش الى اشعار آخر

ويٌدان بهذا القول العصفور !

أما الوسطى

فلقد ارسلتُ سيادتها لتصير سفيراً فوق العادة

توثق كل الرفض بهذي القرية

وتعرضه قدام عيون القادة

ثم تعود الى مأواها لكن..

(من خلف القادة )

فتحت مشفى تقصده..

من تهوى الانجاب الدولي بدون مخاض

فتحت سوقاً خيرياً للأسياد

وغايته ( التشهير ) معاذ الله..

غايته صون الاعراض

طبعت الاف المطبوعات بعناوينِ

تجذب كل القراء الأميين

رفض واعتراض و امتعاض

وبنت جنب قصور السادة كوخاً

سهم مرسوم في وجه الكوخ يشير الى القصر

ومكتوب تحته : تلك ستغدو أنقاض !


من جيب معاناتي

اخرج كفاَ دون اصابع

يرسمها ولدي الاصغر

و يصورها كيدِ ( هاون ) جدته الكبرى

فتأخذني الصورة (لأيام الخير)

أذكر جلستها وهي تدق حبيبات الهيل

تصعد يد هاونها بشموخٍ

تهوي طاحنةً ما في القعر بلا رحمة

فيعبق في صدر الدار عبير الجنة

وتُغلق ابواب النار

وأذكر ايضا.. شيخ الدار

جدي المعتاش على قصص الأجداد

وسماع الأخبار

جدي المؤمن جداً بمقولة ( إن الكون بخير )

قد كنت أظن

بأن المذياع الملصوق بخد الجد

جزءُ من ذاك الوجه

وعضو كالرجل وكاليد !

كبرت قليلا فقرأت على ظهر المذياع

(صُنع في امريكا )

جدي ما زال بذات المذياع

يسمع أخبار التنديد بأمريكا

مذ ذاك اليوم وأنا ضد التيار

مذ ذاك اليوم وقد قالوا أني مخبول

وجنوني قد صار وشيكا


زرعوا بين أصابع كفي أشواك التفريق

فجندوا الجواسيس

وسراق الأحاسيس

حبسوني دون محاكمة أو تحقيق !

ولما صار اللمس محالا

والإمساك خيالا

أمروا أن أطلق من سجني

وعلى الباب كلاب تحرسهم

ينادون ورائي : بالتوفيق

من جيب معاناتي

أخرج كفا دون اصابع

جالت في الجيب بلا جدوى

دخلت للسجن بلا جدوى

طافت حول بيوت القرية

تستجدي الإصغاء

فخذلتها ابوابُ ..

رٌسمت فوق مقابضها

آثار كفوف التعساء

يسكن في جوفِ مداخلها الليل الأبدي

وتموت الأضواء

عادت للجيب بلا شكوى

ففراغ في جيبٍ

قد يغدو أفضل مأوى !


رافع الفرطوسي



تعليقات

المشاركات الشائعة