السيرة الذاتية: بقلم سيد عفيفي

السيرة الذاتية .... . سيد محمد أحمد عفيفي، هكذا اسمى كاملا، نشأت في بيئة ريفية هادئة، بمدينة القناطر عند رأس دلتا نهر النيل في شمال مصر، في هذه المدينة يتحول مجرى النهر إلى أذرع كثيرة ويتحول عن مجراه الواحد، في وسط الفروع السبعة تكون قريتي المتمدينة الكبيرة، المدينة تشتهر بالحدائق العامة، وتعتبر متحفا زراعيا جميلا، كمعظم القاطنين بمثل هذه البيئات الريفية، أسر كثيرة العدد قليلة الموارد أغلبها يعملون بالزراعة أو ما يقوم على الزراعة من صناعات بسيطة، وجاء ترتيبي الثامن والأخير في تعداد إخوتي وأخواتي، هذه البيئة الهادئة هي أحد مكونات الوجدان، وانسحبت على النفس والصوت والانفعالات كذلك، كان النيل وجمال المناظر عليه من زهور وطيور ومراكب شراعية وحتى عبق الماء هي أهم مكونات البيئة، الدراسة في مثل هذه الأوساط وأنماط الفكر في بداية الثمانينات كانت أمرا تقليديا اعتياديا لا اهتمام به حيث لا إمكانيات مادية للحرص عليه، لكن بطبيعة الحال كنت أحب الدراسة، وفي العام الثاني من دراستي كنت أقرأ الجريدة بتمكن، وفى نتائج الامتحانات السنوية أبليت بلاءً حسنا، ولم ينتبه الأهل لتفوقي الدراسي إلا مع ظهور نتيجة الشهادة الابتدائية وكان ترتيبي الأول، ثم في الشهادة الإعدادية كذا . لم أذهب إلى الكُتَّاب الذي كان يحفظ فيه الصبيةُ القران الكريم، كان الأهل يخافون علىّ لأن الكتاب بعيد كثيرا عن البيت، لكن مع السنة الثالثة عشر بدأت أقرأ القرآن، بقدر الله كنت أستمع إلى الإذاعة فشغفت بأصوات القراء العمالقة في مصر، ويحتل الشيخ محمد صديق المنشاوي الصدارة عندي حتى الآن، لأول مرة أختم القرآن كقراءة كاملة في سن الرابعة عشر، فداومت، كل مرة أقرأ اكتسب جديدا في أحكام التلاوة، فكان القرآن هو المكون التالي للوجدان. في سن المراهقة أتى المكون الثالث، الحراك النفسي والجسماني، وعاطفة تطرق الوجدان فأستمع لأغاني المطربين القدامى، أم كلثوم وعبدالوهاب وكل القدامى، فأصبحت أحفظ الشعر المغنى عن ظهر قلب، وأنفعل للموسيقى أكثر، وفى الصف الثاني الثانوي كان علىّ الاختيار بين القسم العلمي والأدبي فاخترت الأدبي، لأني أعشق اللغات بعامة، حتى الإنجليزية والفرنسية قد تفوقت بهما و أتقنتهما في وقت قصير. قبيل امتحانات الشهادة الثانوية بثلاثة أشهر توفى والدى رحمه الله، بعد أن نفلني حسن خلقٍ أسأل الله له به الجنة، وكانت نقطة التحول الأولى، أكملت الدراسة وتخطيت المحنة، وكنت الأول على مدينتي في القسم الأدبي، وألحقني التنسيق الاقليمي للجامعات بكلية الآثار في جامعة القاهرة، لم تكن المواد الدراسية بالكيلة كلها على هوى النفس، فقط المواد اللغوية تروقني، فكانت اللغة الهيروغليفية من أصعب ما يكون، وتدريسها باللغة الانجليزية، فكنت أخرج كل سنة بتقدير امتياز في كل مواد اللغات، تزامن العمل مع الدراسة منذ السنة الأولى بالجامعة، كذلك شغفت بمجال الترجمة من اللغة الانجليزية، فقرأت في الأدب الإنجليزي لاثنين من عمالقة الأدب وهما Jane Austin ، وCharles Dickens، كذلك كنت أستعير من أصدقائي في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية كتب الترجمة خاصتهم، ومن قسم اللغة الفرنسية قرأت محاضرات في الحضارة الفرنسية. وكان للفلسفة كذلك نصيبا من القراءات خصوصا الفلسفة الاسلامية، وكذلك علم النفس والمنطق لم أكتف فيهما بمناهج الدراسة بل توسعت فيهما، وما زلت حتى اليوم أحتفظ بكل المراجع المدرسية التي تسلمناها، مثل كتاب الأطلس العربي الذى يحوى خرائط جغرافية لبقاع الوطن العربي والعالم أجمع، ومعجم الوسيط في اللغة العربية، وكتاب قواعد النحو والصرف وقاموس إنجليزي إنجليزي، لأنى حتى اليوم أحتاج لهذه المراجع. في السنة الثالثة سمحت لي موهبة اللغة أن أعمل في تدريس اللغة الانجليزية والفرنسية في مجموعات تقوية خاصة في قريتي، فكانت عملا اتكسب منه وهواية، حتى أتممت الجامعة وخرجت لمعترك الحياة، وبطبيعة الحال بحثت عن عمل فلم أجد متاحا غير التدريس في مدرسة لغات، ولكنى لم أعتد الروتين والقيود الوظيفية وأربابها، فعدت أدراجي أتلمس الأفضل. في مدينتي تشتهر كثيرا نباتات الزينة والزهور، وتعتبر المدينة سوقا كبيرا لهذه التجارة والزراعة، فقمت بتأسيس مشتل متواضع أخذ ينمو سريعا بعدما درست النباتات وسهلت اللغات دراستي لعلم النبات في أقل من سنة، فوجدت راحة النفس فيه، والعمل الحر أفضل لأن النجاح فيه رهين بالاجتهاد والتوفيق من الله. لم أنقطع عن القراءة بعد انتهاء الجامعة، هذه الفترة أتى دور الأدب العربي فقرأت لطه حسين والعقاد وحسنين هيكل ونجيب محفوظ وأحمد شوقي وعزيز أباظة وأحمد فتحي، على محمود طه وغيرهم من الأعلام، وقد تأثرت كثيرا بالبيان عند مصطفى صادق الرافعي. ومع النجاح السريع في العمل توجهت الى القراءات الدينية فالوقت يسمح، قرأت كتابين تأثرت بهما كثيرا وهما كتاب النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير وكتاب التذكرة للإمام القرطبي، فتوسعت، قرأت زاد المعاد، وكتاب الروح لابن القيم، وتفسير القرآن لابن كثير بأجزائه، وكنت بقراءاتي أسعى لتحصيل صورة كاملة عن علم آخر الزمان . أتى الزواج متأخرا نسبيا في حياتي، للظروف القاسية التي يفرضها الواقع، في بداية العقد الرابع كان، وقد أنهى الزواج أكثر من ثمانية أعوام من حياة الوحدة القاسية، فحقق الاستقرار انطلاقة أكثر في جانب القراءة، حتى وصلت الى أهم دراسة أعتبرها علم العلوم وهى دراسة القراءات السبع، فمازال القرآن يحتل الصدارة في الشغف للعلم، كنت أستمع إلى القرآن في تسجيلات القراء العظام يقرأ بشيء من الاختلاف في النطق والأحكام ولا أعلم مرجعية ذلك، حتى أمسكت بطرف الخيط، وذهبت إلى مكتبات الجامع الأزهر، قدراً اشتريت كتاباً يشرح هذا العلم وكان بتوفيق الله، كتاب تقريب المعاني في شرح حرز الأماني، أسلوبه يتوافق تماما مع تفكيري، كأنه كان هدية من الله ، استغرقت دراسة الكتاب وإتمام العلم ما يقرب من العامين ونصف العام، وقد صقل اللغة عندي، وثبت قواعد النحو . بدأت الكتابة في الأدب مع بداية عامي الأربعين، دائما أقول أن هذه الحياة قدرٌ يسوق الى قدر، وقد ساقتني أقداري إلى الكتابة مبتدئاً بأول رواية رومانسية طويلة هي (رهف الوجدان)، ثم تلتها (فأين تذهبون) اجتماعية، وفى إثرهما (دماء تنادى دماء). وفي الشعر كتبت للوطن أولى أشعاري، ديوان (أنّات الوطن) يغلب فيه الزجل على الفصيح، ثم في الشعر النثري كتبت ما يكفي ثلاثة دواوين، وكذلك هناك ديوان طويل خاص بالأجناس الأدبية اليابانية ما بين هايكو وتانكا ، وهايبون وسنريو ، والعديد من القصص القصيرة والقصيرة جدا والومضات. وقد تطرقت كذلك إلى كتابة الأعمال التي تصلح للفن الراقي، فكتبت قصة وسيناريو وحوار لفيلمين روائيين، والكثير من الأغاني الوطنية، وفى هذه الفترة جارى في تأليف كتاب في الفكر الإسلامي بعنوان(خواطر الأمل في فكرة الجزاء من جنس العمل) وقد قارب على الانتهاء. هذا؛ وقد صدر أول عمل لي في كتاب عن الفكر والفلسفة الإسلامية(على أبواب القيامة) وفيه رد كاف شاف عن ادعاءات الذين قالوا بظهور المهدي المنتظر أو الدجال، بعده مباشرة صدر كتاب (ميلاد الجوري) وهو يتناول الأجناس اليابانية الوافدة بدراسات نقدية ومعها ديوان شعر يتكون من 30قصيدة هايبون، 50 تانكا، 30 هايكو ومثلهم سنريو، كما صدر كان كتاب (تباريح) أضمومة للومضة القصصية يضم سبع محاضرات نقدية عن الومضة، ومعها مئة وخمسين ومضة قياسية، وتم اصدار أهم مشروع أدبي في مشواري وهو موسوعة كبرى تشمل كل أجناس الأدب العربي، وسوف تكون الموسوعة مرجعا مميزا يستند إليه كل الكتاب المبتدئين، وجاري إعداد الرواية الأولى للنشر وهي بعنوان (يوتوبيا ليست وجهتي ) في دار غراب للنشر والتوزيع، ويتلوها إصدار كتاب بعنوان (آفاق الإبداع في النقد المعاصر) في نفس دار النشر، وعندي طموحات أخرى كثيرة لتثبيت دعائم الأدب العربي إن شاء الله. سيد عفيفي

تعليقات

المشاركات الشائعة