طريق العودة: بقلم نهاد عبد جودة

( طريق العودة ) هنا تماما ، في هذا المكان تحت أشجار النخيل ، أجلس واُراقب الطريق الذي يسلكه أبي كل يوم في أثناء عودته من العمل ، أُغني مع العصافير وأرقص مع الفراشات في كرنفال يومي متجدد ، يأتي أبي بخطوات مرهقة عندما يبدأ الظلام يبتلع أواخر النهار ، يقبلني ثم يمسح وجهي بأصابعه المتقرنة ويضع في يدي عملة نقدية صغيرة في ميزان العملات ولكنها ثقيلة بميزان الأبوة والطفولة ، حينها تحملني الفرحة على أجنحتها الأثيرية ، أركض مسرعا الى دكان العم صابر ، أتلذذ بالحلوى بمتعة لاتوصف حينها أشعر أن العالم تحت قبضتي ، ثم أعود الى أصدقائي الصغار ، أحدثهم عن عظمة الأب وتضحياته وروعة الحياة بوجوده ، لم يخطر في بالي أن يأتي يوماً يطول فيه الانتظار . لقد رحلت السنونوات ونفقت الفراشات وأصبحت الطرقات موحشة والوجوه غريبة دون عودة أبي العزيز . بعد جحيم الانتظار عاد ولكن ليس مشياً على قدميه ككل مرة واِنما جاء محمولاً على اكتاف الخيرين ، حملوا ماتبقى من اشلاء جسده الذي مزقته سيارة مفخخة ، يقودها ارهابي لعين كان يستهدف حشداً من العمال الجالسين مع أبي على الرصيف ينتظرون فرصة للعمل كعادتهم كل يوم . نهاد عبد جودة /العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة