جلباب: بقلم قحطان عدنان السوداني

جلباب دائما ما أضع مسطرة لخط مساراتي، وأنقل الخطى على مستقيم رسمته لطريق أحاول أن لا أحيد عنه، حتى بات الخط المستقيم منهاج حياة،أُخَضع كل شيء عليه، جاعله مجسا لكل تحركاتي والسكنات، لذا أُطلق عليَّ أسم هادي المستقيم. فأنا لا أؤمن بالحلول الوسطى، فأما أن أكون في الشمال أو أكون في اليمين، ليس عندي في قاموس حياتي لون رمادي، وحتى ملابسي ليس فيهن تداخل بالألوان.. قميص أبيض، وبنطال أسود ، هذا هو ملبسي، كرقعة شطرنج ابدو ،رغم كل الأحداث فوقها باقية بأبيضها وأسودها لم تغير لون جلدتها ولم تصطبغ بلون آخر. هكذا بدأت وهكذا أحسب سأنتهي،فأني خريج أحضان أبوين عُرفا بالاستقامة والورع، زقوني حب الفضيلة والبسوني جلبابها، وضبطوا إيقاع حياتي، ومنحوني سنينا إضافية على عمري الذي لم الهُ في بواكيره يوما أمام باب دارنا كباقي أطفال المحلة، ولن يسمح لي بالتلصص على فاتنات الحي منذ بلغت، فالأستقامة هي منهج حياة، حتى في مشيتي صرت أشبه كتلة متقولبة على نحو عمود يمشي. هكذا تُركت لأقداري بعدما توفى الله والديّ، أقاوم تلاطم أمواج الحياة من غير مجذاف، مستحضرا روحيهما على طاولة التباحث كلما يلم بي شيء، مغلبا رأيهما الذي بمثابة دستور لايمكن خرقه . في مداولتنا الأخيرة ،إستحضرت روحيهما للحصول على فيوضات بركات رضاهم في اختياري لشريكة حياتي بعدما صار لزاما عليَّ الإقتران. مددت المستقيم كأنه سراط، أمرر عليه الكثيرات، لكنهن لم يجتزنه، ووضعني أخريات على سراطهن الذي لايشبه سراطي، فوقعت من حساباتهن ومن أطر التقييم التي لم تصمد صورتي بين براويزهن، فهززن نفسي في نظر نفسي، وآلت أصفاد قيمي إلى التفكك، لاسيما وإني أمسيت أختلس المشاهدة لمواقع على شبكة التواصل الاجتماعي دون علم من روح والدي. تحول المستقيم بيَّ إلى شعاع تاركا نقطة البداية ذاهبا برأسه ذي السهم إلى أبعد مديات أستطيع الوصول لها، بعدما كنت مصفدا بين نقطتين، لكن المصدات صدعت قشر بيضتي، لأخرج أشبه ، بصوص دجاج يتعثر، مما جعلني أعود إلى مستقيمي هاربا من تهورات الشعاع، فأنا خلقت لأكون بين نقطتين بينهما حيزا لمساري. لكن إحتياجات أدميتي تلح عليَّ ، فصيرتني بتوهان، مابين أن امزق الجلباب الذي بات يضيق بي، أو أبقيه كما البسني إياه والداي.

تعليقات

المشاركات الشائعة