الجواب: بقلم نهاد عبد جودة

( ألجواب ) صباح ربيعي ثري بمباهجه وجميل بألوانه الزاهية , بغناء بلابله العاشقة وزقزقة عصافيره الفرحة , بألحانه الفيروزية التي تنساب بكل لطف وعذوبة . تسللت من شرانق الفراغ والعزلة , تجولت على ممرات هذه الخميلة الغافية على احضان آذار , اماكن تعشش فيها الذكريات الراحلة ، حملتني نشوة المكان على اجنحة غير مرئية , اقتربت من زهرة نظرة لازالت بلورات الندى تتدحرج على وريقاتها , كنت مسحورا ومبهورا بخيال آسر , سرقتني اللحظات وانأ اراقب وريقاتها المبلولة , تراءت لي وكأنها بدأت تتمايل وتتموج حتى اصبحت على شكل شفتي فتاة جميلة , دبت فيها الحياة واختلقت لنفسها لسان اثيري , هذا ما اقنعتني به موحيات مخيلتي المسكونة بالتصورات , حدثتني بفصاحة مُذهلة بعد ان استأذنت افواج الفراشات وحشود الدبابير التي تئز حولها , تملكني رعب خرافي , ارتجفت قوائمي من هول المفاجأة . بدأت سيول تساؤلاتها تجرف مسامعي . ايها الحزين حدثني , اين اختفت مملكة الحب الذي كان ؟ ، اين ضجيج الحياة وأفراحها ؟ ، ملامحك المتكدرة تعري اسرار موجعة احالت قصور الامنيات الى خرائب رميمة . بحثت في خبايا ذاكرتي عن جواب يوقف هذا الفضول , وهذا الاعصار الذي عصف في كياني , تبخرت الكلمات وتلاشت الافكار واصبح لساني كلوح من الخشب , فقدت قدرتي على رصف مفردات رثاء يليق بفجيعتي , تصفحت كل الافكار فوجدتها غير قادرة على وصف جبروت الواقع وحجم الدمار الذي عبث بمملكة الحب المنهارة ، بعد ان غادر الربيع مواسم الحب وسحق خريف العمر كل التطلعات . لذت بصمت خجول ومنكسر . لازالت نظراتها تثقب روحي , تفضح عمق مواجعي . لقد ترجمت صمتي وانفعالاتي حيث عثرت على الجواب دون حوارات محرجة . اشاحت وجهها عني الذي توشح بحزن اسطوري اللهب , بعد ان طغت عليها مشاعر متعاطفة دون ان تعبر عنها بكلمات ، لاذت بالصمت وعادت الى هيأتها السابقة . كنت اراقب انفعالاتها بشوق واعجاب ، راحت تغني وترقص مع فراشة جميلة , جاءت تحيي معها كرنفال الربيع وتمارس عشقها العذري الذي فقدناه نحن البشر . نهاد عبد جودة / العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة