دورة أحادية الإتجاه: بقلم محمد محمود غدية

دورة أحادية الإتجاه قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر المطر أزال غبار الشوارع، فبدت لامعة وإغتسلت البيوت، وإصطبغت السماء بلون وردى، يبعث فى النفس الإرتياح، تتعاقب الفصول وتتكثف العتمة بين ضلوعه، وتقفز به السنوات نحو الخريف، يخاف المرأة التى يراها سلسلة من الألغاز، كالطقس الذى لايمكن التنبوء به، وكالجريدة التى لا يمكن قراءتها فى وقت عاصف، حتى كان يوما، شاركته العمل بمكتبه إمرأة ندية كفاكهة الصباح، منتدبة من المحليات، فارعة بيضاء شعرها كسنابل القمح مضفور بخصلات المطر، لأول مرة إبتسامة رضا وسعادة تداعب وجهه بعد تجهم، أرملة فى مثل عمره أو أقل قليلا، سبرت أغواره وغاصت فى أعماقه، كلاهما يعيش الوحدة والضجر، جمعتهما الأقدار دون ترتيب مسبق، مهدت له دور الصياد وهى الفريسة، تنهدت براحة وهو يطلبها للزواج، تزوجا وكسا بخار كثيف زجاج نظارته، فى محاولة لضبط الأعصاب، معاكسات التليفون لا تتوقف، غزل رقيق وغير رقيق، مما إضطره لقطع أسلاك الهاتف، سامره الخوف والقلق فطلقها، وتزوج من أخرى فقيرة الجمال، متأملا فى دهشة ذلك الكون فى دورته الأحادية الإتجاه، يرجوه أن لا يوجه له ضربة موجعة أخرى، بعد أن نجح فى القفز خارج شرنقة أوجاعه، الزوجة الجديدة تقضى الساعات أمام المرآة، تصرف الكثير من ميزانية البيت على الميكاب، والأصباغ وتصفيف الشعر، أصلحت سلك الهاتف، ودأبت على طلب أرقام عشوائية ومعاكسة أصحابها، تطرحه الأقدار أرضا ولا يستطيع مغالبتها، أسلم رأسه لزخات المطر فى محاولة لإسكات طبول الألم برأسه، مثل ملاح أتعبه الترحال، ألقى بمرساته على شواطىء القلق، إستعدادا لرحيل أطول .

تعليقات

المشاركات الشائعة