العائد 17 الحلقة الأخيرة: بقلم تيسير مغاصبه

قصة متسلسلة "العائد" -١٧- (الحلقة الأخيرة) وصل عدنان إلى الغولة، رآها جالسة على حجر كبير تاركة رأسها يستند إلى الوراء على الجدار، تجمد الدم في عروقه وفكر تلك اللحظة بالهرب لكنه تمالك نفسه. كانت عانتها تلامس الأرض وفرو أبطيها متدليا على جانبيها،يحوم حولها الذباب والبعوض بكثرة ومخاطها متدليا بشكل مقزز . رفع عدنان عمامته عن رأسه وقام بلفها وربطها على أنفه،فتح حقيبته وأخرج منها الموس والمقص وعلبة الصابون السائل ..إقترب منها وبدأ بإزالة الفرو عن جسدها ومن ثم أخرج زجاجة العطر العجيب الرائحة والمؤثر وبخ عدة بخات على أنحاء جسدها وتبعها بكثير من البخات في الهواء . بعد ذلك ذهب إلى القناة وعبأ مطرته منها ورشق بها الغولة ففزعت وأفاقت من نومها..وقفت وأخذت تصرخ وتترنح..فوقعت في القناة ..إزداد صراخها ثم هدأت فجأة وسكنت كسكون العاصفة للحظات، ثم نهضت ببطء لتخرج رأسها أولا من الماء وتقف لتبدو كحورية البحر ؛فتحولت إلى أجمل فتاة تراها عينيه. وقالت بصوت رقيق جدا: -من أنت ؟ -أنا زوجك عدنان. -عدنان.. زوجي !! أخبرني ماذا جرى لي ؟ -لاعليك ،أنت بخير الأن وهذا الأهم ،لكني سأطلق عليك أسم "حسناء "مارأيك بأسمك الجديد. -هل أنا بالفعل حسناء ؟ -بل أنت أجمل النساء على الأرض. حضرت الغيلان على رائحة العطر ..تقدمت منه ..ماأن قطعت القناة حتى تحولت إلى بشر ينظرون إلى عدنان بسعادة. أمسك عدنان بيد حسناء وقال لها : -الأن سننطلق معا لمتابعة الرحلة. أما الغيلان فبعد أن علموا ماذا فعل عدنان لأجلهم شكروه على حسن صنيعه وقد وعدوه بأن يلحقوا به. قام عدنان بتوديعهم وغادر مصطحبا معه زوجته الثالثة حسناء ،وصل إلى زوجاته المنتظرات وحصانه ومن هناك تابعوا طريقهم وكلهم رضا وسعادة دون أي تذمر أوغيرة أو حسد. * * * * * * * * * * * * * * * بعد مسيرة لساعات مر عدنان ومن معه في واحة كانت هي الواحة الأخيرة في طريق العودة؛ وهي تكون الواحة الأولى التي مر بها عدنان في أول إنطلاقته عندما إلتقى بالفتاة الجميلة الشبقة التي كانت برفقة أمها العجوز وأسقته حينها الماء. لكنه هذه المرة رأى الجميلة تجلس أمام قبر وتبكي ،وقد عرفها على الفور ،الحزن لم يخفي جمالها وإنوثتها المفرطة، بل أن بكائها زادها فتنة وجمالا وجاذبية. نزل عدنان عن ظهر حصانه وتقدم منها وسألها: -مرحبا أيتها الجميلة ؟ -...................... . -أن الحزن لايليق بفتاة بجمالك ؟ -........................ . -ماالذي يحزنك ياسيدتي الجميلة؟ أخيرا قالت من خلال دموعها المنهمرة بغزارة: -بالرغم من قسوتها إلا أنها كانت رفيقة دربي وحاميتي من كل شر حتى من نفسي.. أما الأن فبقيت وحيدة؟ -تقصدين أن أمك العجوز قد توفيت . -نعم ياسيدي ؟ -رحمها الله. -لقد تذكرتك الأن ..أنت..؟ قال عدنان مقاطعا: - عدنان ..أنا الذي مررت بك في بداية رحلتي وكنت أشعر بالضمأ الشديد فأسقيتني الماء العذب من يديك الجميلتين..هاتين. -أنا لم أسقك ياسيدي ..أن الماء للجميع ؟ -قفي ياسيدتي الجميلة ولاتحزني ،جميعنا سنرحل يوما ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. -لكن إلى أين سأذهب الأن في تلك الصحراء الواسعة المخيفة ؟ -سأخبرك إلى أين يمكنك أن الذهاب. وقفت وقد شعرت بوجود بارقة أمل أخيرا ،وتابع عدنان قائلا: -نسيت أن أسألك عن أسمك ؟ -أنا أسمي "شهد"ياسيدي. -حقا أسم ينطبق تماما على صاحبته ،أسمك شهد وكلما إلتقيتك أشعر بحاجتي إلى الماء. -أتريد ماء ياسيدي؟ جرت إلى الماء وغرفت في الإناء وقدمت له الماء ،شرب عدنان حتى إرتوى وقالت شهد: -هنيئا مريئا ياسيدي؟ -حسنا..والأن أنا أعرض عليك الزواج،أتقبلين بي زوجا لك. -أتمازحني ياسيدي؟ -أنا لاامازحك ياسيدتي الجميلة..لكني أعرض عليك الزواج لتكوني زوجتي الرابعة. نظرت شهد إلى زوجاته وقالت مستغربة: -هل هن زوجاتك؟ -نعم. -لكني لاأرى سوى إثنتان ؟ -هذا صحيح لكن أن الثالثة لاأحد يمكن أن يرها غيري . -فهمت؟ -والأن لم تجيبينني على عرضي. -بالطبع أنا موافقة وبكل سرور؟ -حسنا إذا هيا بنا. * * * * * * * * * * * * * * * * * * أخيرا وصل عدنان وزوجاته الأربعة وحصانه الناطق وحصان زوجته الجنية زبيدة إلى المقبرة التي خرج منها . أستراحا حالما وصلت جميع القبائل ،ثم تم عقد قرانه رسميا وبحسب الشريعة الإسلامية على زوجاته بحضور رجال الدين وشيوخ القبائل والطفل نور . وأقيم فرح كبير لاينسى ..ودخل عدنان بهن ؛بعد عدة أيام تم بناء أول مسجد في هذا المكان ، وكان عدنان طوال مسيرته ينثر الحبوب طوال الطريق التي مشاها فأمتدت إلى جميع المقدسات الإسلامية في كل مكان فأزهرت الأرض لتصبح مروج شاسعة، ونبتت الأشجار المثمرة لتصبح الأرض خضراء وطبيعة خلابة . صلى الجميع وقد أم بهم عدنان وما أن إنتهت الصلاة حتى بقي جالسا يشكر الله بينما دموعه تنهمر مدرارا وهو يناجي ربه قائلا: "الشكر لك ياالله لأنك إخترتني أنا دون غيري لتلك المهمة ،و أكرمتني وسهلت علي مهمتي وعوضتني بدل الحبيبة الخائنة بأربعة زوجات صالحات عفيفات، ومررت بعالم الجن وعالم الغيلان وأنجيتني من الشيطان الرجيم والرمال المتحركة التي كادت أن تلتهمني قبل أن يكتمل إيماني وحبي لك " ترك عدنان الجميع وأخذ يتجول مبتعدا قليلا متأملا كل ماحوله شاكرا ربه لهذا التغيير الكبير الذي حدث للأرض وعلى البشر . بينما كان عدنان منشغلا في تاملاته ظهر أمامه الملاك من جديد وإبتسم له بحنو وقال: -سلام عليك ياأخي عدنان ؟ -وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. شعر عدنان أن أبتسامة الملاك تعني شيئا ما مختلفا هذه المرة ؛لكن الملاك سهل عليه الأمر حتى لايستمر في تساؤلاته وقال له: -لقد كفيت ووفيت ياعدنان؟ -الحمد لله رب العالمين. -أن الله يدعوك إليه؟ -هل إنتهى العام . -نعم ،لقد أنجزت كل ماوكل إليك بعام واحد كما هو مطلوب منك؟ -حسنا أنا مستعد كل الإستعداد للعودة. عاد عدنان إلى جماعته وزوجاته وأحبته وطلب منهم أن يسمعونه لأنه سوف يتحدث إليهم بأمر هام، تجمع الجميع حوله وقال عدنان موجها كلامه إلى الجميع : -أريد أن أخبركم أن مهمتي قد إنتهت ولا بد أن أودعكم ياأحبائي؟ بكى الجميع بحرقة عند سماعهم هذا الكلام حتى تقدم منهم شيخ مسن وقال لهم : -هل هذا جزاء عدنان أيها الأحبة؛ تبكون عليه حتى يعذبه الله بدموعكم ؟ فتوقف الجميع عن البكاء على الفور . قال عدنان : - أنا لم أكن حيا حتى تبكوني اليوم ياأحبائي ،سأعود الأن إلى حفرتي ،استودعكم الله؟ مشى عدنان حتى وصل إلى حفرته ..نزل فيها ..إستلقى باتجاه القبلة وأغمض عينيه. أهالوا التراب فوقه كما حدث أول مرة . وصل صديقه عواد الذي إنفجر بالبكاء وإنهار فوق قبر صديقه عدنان وقال من خلال نشيجه: -لماذا لم تنتظرني ياصديقي لتبارك عودتي إلى الله. أما الحصان فرفع رأسه إلى السماء وأخذ يصهل بينما دموعه تبلل وجهه ثم إنطلق يسابق الريح في البراري. أما زوجاته الثلاثة بإستثناء زبيدة فكن يحملن بأولاده، أولاد الجيل القادم الأشبه بالطفل نور . * * * * * * * * * * * * * * * * وأما أنا ... فسأقول لكم كما كنت أسمعهم يقولون في قريتي و أنا صغير عند إنتهاء كل حكاية : "وطار الطير الله يمسيكم بالخير" "إنتهت القصة " تيسيرمغاصبه ١٠-٣-٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة