امل: بقلم سعاد جكيرف

أمل نظرت إلى والدتها بعينين دامعتين،مسحت بيدها على رأس خال من شعر كان أسودا مجعدا،سعدت كثيرا بتمشيطه لها، تركتها لترتاح من عناء جلسة الكيميائي الأخيرة، بعدما طبعت على جبينها قبلة اختزلت فيها كل مشاعر الحب والامتنان.. مضت إلى غرفتها لتغفو،لكن النوم جافاها،تاهت في دوّامة التفكير بالغد وما يخبئه لها من مفاجآت،،تمنت من كل قلبها أن تكون سعيدة لأن قلبها المرهف أرهق من كثرة الصدمات التي تعرضت لها وهي لا تزال في ربيع العمر.. -أمل؛استيقظي حبيبتي.. -أمي!!مهلااا!!لماذا نهضت من السرير،لا تزالين منهكة،، جلست على الأريكةمدثّرة بوشاح صوفي، قبالة ابنتها ونظرت إليها كما لم تنظر إليها من قبل:أتذكرين هذه الأريكة يا أمل؟ -طبعااا غاليتي،لطالما كانت مكانك المفضّل حينما يحين وقت حكاية ما قبل النوم،ما أجملها من أيام!! -أ وَ تعلمين صغيرتي؟زارني والدك ليلة أمس في منامي يرتدي بدلته السوداء التي لا زلت أحتفظ بها في خزانتي، مبتهجا وأخبرني أن الورم الخبيث الذي أعاني منه قد زال،وأنني سأرتاح من كل الأوجاع،،هي بشرى خير حبيبتي،،أعتقد أنني أخيرا سأنعم بالطمأنينة بعد سنين من العذاب.. -إن شاء الله يا أمي استريحي الآن،سأجلب لك مشروب أعشاب ساخن،ونكمل حديثنا.. مضت بخفة إلى المطبخ ،رتبت صينية الفطور بكل الحب والود ،وعادت إلى الغرفة،وضعتها على السرير،واستدارت لوالدتها قائلة:بعدما تنهي فطورك،وتشربين دواءك،،س.... ماما؛ هل غفوت من جديد؟.......ماما!!..مااااماااا صرخة مزّقت الأوصال،كسرت السكون الرهيب الذي يحف البيت، احتضنت جسدا هزيلا غادرته الحياة بين يديها وغرقت في سيل دموع أبت أن تجف... رحلت من كانت تعني لها كل الوجود،،غدت اليوم يتيمة، لا نبع حنان يرويها ولا سندا من غدر الزمان يذوذ عنها ويحميها ولا أمل تعيش لأجله يحييها. تمت. سعاد جكيرف

تعليقات

المشاركات الشائعة