ازاي عروستي:بقلم عبده داود

أزاي عروستي بانوراما كان هاجسي أن أصادف حبا يملأ حياتي ويسعد أيامي... عندما كنت أرغب في إحداهن، هي لم تكن ترغب بي، وعندما أجد صبية ترغب بي، قلبي لم يكن يرغب بها...وكانت سنوات العمر تتوالى، وأنا أبحث عن الحب الملتزم، يوافق قلبي وعقلي سوية، لكن دون جدوى، كنت أحسد رفاقي الذين يعيشون الحياة العائلية الجميلة، لكنني لم أفقد الأمل أن أصادف يوما حبيبة تملا حياتي... وأخيرا التقينا، العيون باحت بأسرار قلبينا، والابتسامات العذبة، كانت الرسائل التي تحكي عما يدور في أعماقنا بصمت الكلام... كان علي أن أجد وسيلة حتى اصارحها علانية، حتى نمهر صمتنا بالوثيقة العلنية، عما يدور في خلدنا... لكن كيف تكون تلك الوسيلة؟ هل أنتظرها في الحارة عندما تمر وأعطيها رسالة أكتب فيها قصيدة حبي لها... لا، لا، ربما تمزق الرسالة في الطريق خشية العيون خلف النوافذ، لكن لا بد لي من طريقة ترضيها. ربما أخبر صديقتها المقربة رسالة الحب الذي يملأ قلبي، لا، نحن لم نعد مراهقين، لقد تجاوزنا سن المراهقة، لن ألجأ إلى أسلوب الصغار، يجب أن أجد طريقة أكثر رقة، وأعمق تأثيراً... أيضا يجب أن أحفظ ماء الوجه، في حال لم نتوافق... باحت هي لصديقتها بحبها لي، وصديقتها باحت بالسر لصديقاتها، ودارت الأخبار في القرية كما تدور النار في الهشيم... قصة حب تولد في ضيعتنا وبالتالي جميع أصدقائنا عرفوا بقصة حب جديدة، وخبرية جذابة للنميمة تحبها بنات ونسوة حارتنا... بينما أنا تظاهرت بعدم الاكتراث، وتجاهلت الأمر عن كل من سألني حول الموضوع محبة بالحكايات، أو حب الاستطلاع... لكن لا أنكر كان الحب يملأ عقلي وقلبي، ولا بد له من أن يخرج للنور... يشرق كما تشرق شمس الصباح... لكن يجب ألا أتسرع في الأمر، وتكون خسارتي كبيرة، إذا اختلفنا لسبب ما، لأن قلبي لم يعد قادرا على تحمل خسارة تنهكني، غندورة أضحت هي الحبيبة التي أنتظر لقائها، هي وحدها ملأت قلبي وعقلي... أتذكر في تلك الأيام، لم يكن التلفاز قد وصل بعد حتى نسهر معه، كنا نجتمع نغني، أو نجد لعبة ما نمضي السهرة بها... نحن الشباب غالباً ما كنا نمضيها بتلك اللعبة التي لا تزال تفرحني كلما تذكرتها والتي كان اسمها (أزاي عروستي؟) تتلخص تلك اللعبة، للذين لا يعرفونها، بخروج شخص من الحاضرين تقع عليه القرعة إلى خارج المكان... الاشخاص في الداخل، يضمرون شيئاً ما، أو موضوعا ما، وبعدها يدعون الشخص الذي خرج إلى الدخول... وهو يبدأ يسأل الموجودين واحدا بعد الآخر بالترتيب، (ازاي عروستي) أو( ازاي عريسي) إذا كانت السائلة انثى، وكل واحد يعطي السائل جواباً قصيراً يصف به المضمر عنه... ولتوضيح اللعبة أكثر، مثلاً لو كان المضمر عنه شخصاً ، تكون الأجوبة تصف ذلك الشخص، مثلاً يكون الجواب: طويل، الثاني يقول: أشقر، الثالث يقول: ذكي، الرابع يقول عاشق، وهكذا، ويبقى السائل يسأل حتى تتكون عنده مجموعة صفات يدرك بعدها الجواب... يتوجب على الشخص الأخير الذي عرف منه السائل الجواب الخروج من الغرفة عقوبة له، لأنه أعطى صفة واضحة جداً، جعلت السائل يعرف الجواب، وبعدها يتم اختيار موضوعاً آخر. وطبعاً الشخص الذي يعرف الجواب بسرعة نصفه بالذكي، نصفق له وهو يشعر بالتفاخر... تلك المرة عرف أحدهم الجواب من غندورة أقصد حبيبتي، وكان عليها الخروج من الغرفة. المجموعة كانت تعرف بان غندورة تحب عبدو أنا ، لكن أنا لم أكشف لها بعد بسر قلبي علانية... تلك الليلة اختاروا موضوعاً، (عبدو يحب غندورة)، دخلت غندورة إلى الغرفة، وبدأت بالسؤال (ازاي عريسي) وكانت الأجوبة تتجمع في ذهنها... عن عبدو وعن غندورة عندما وصل الدور عندي، سألتني بغنج (ازاي عريسي يا عبدو)...بفرح الف الفكاهة أجبت: بصراحة اسمه عبدو حابب غندورة... ردت هي: والغندورة علقانه ب عبدو... وتعالت الصيحات والتصفيق والزغاريد والتبريكات... لقد تمت المكاشفة، وجاء أهلي وطلبوا يد العروس، وألبسوها ذهباً وبعد ذلك تمت الخطوبة الرسمية، وكنت أشعر بالتباهي، لقد وجدت شريكة حياتي. اليوم عبده وغندورة يعيشان أفراح العمر، صار أولادهما في المدارس، لقد حققا الحلم الأزرق...وكان عبده يفتخر بالقول بأن الزواج يتطلب التأني . يتطلب موافقة العقل والقلب في دار الوفاء، إذا أردنا له أن يعيش ويستمر وينتج ثمارا طيبة... بقلمي: عبده داود

تعليقات

المشاركات الشائعة