العائد 13: بقلم تيسير مغاصبه

قصة متسلسلة "العائد" -١٣- إنطلقا كلاهما معا؛عدنان وحصانه في رحلة العودة، وهي رحلة الدعوة القصيرة ، وفي الحقيقة لم يكن الكثير من البشر على الأرض وبهذا قد تكون مهمة عدنان سهلة في دعوتهم إلى الإيمان. ومن ثم يبدأ بعد ذلك التكاثر والمد الطبيعي في كافة أنحاء الأرض. كان عدنان كلما دخل موعد الصلاة يترجل عن ظهر حصانه ويصلي الصلاة في موعدها معتمدا على الشمس ،ومن ثم يتابع مسيره. فكان طوال الطريق يلوم نفسه ويحتقر ضعفه الذي جعله يحب فتاة خائنة وبسببها ابتعد عن ربه، حتى لو لم تكن خائنة كان يجب عليه ألا يبتعد عن الله بسببها. قال الحصان : -أني أرى من بعيد رجل قادم باتجاهنا؟ نظر عدنان إلى الرجل القادم من بعيد وقال: -هذا صحيح ياصديقي. -وسيكون هو الرجل الأول الذي سندعوه للإيمان؟ -لكن قد يكون هذا الرجل شرير. -ماعلينا سوى متابعة السير حتى نلتقي به ومن ثم نرى المفاجأة ؟ -ونحن معا سنكون أقوى من أي قادم ،وسنكون على استعداد تام لأي مفاجأة. -هذا صحيح ياصديقي،لكني حزين جدا؟ -لماذا ياصديقي؟ - عندما أعلم بأننا سنفترق ثانية بعد سنة واحدة فقط من الأن . -أني أبادلك نفس المشاعر ياحصاني الوفي ،لكن هي إرادة الله؟ إقتربا من الرجل قليلا وقال الحصان : -أنه يرتدي ثياب جميلة وكوفية جديدة ؟ -أظنني أعرفه. وصل الرجل وقد عرف عدنان على الفور ،عاجله عدنان وقال مرحبا: -هذا أنت ياصديقي عواد مرحبا بك؟ -ها عدنان ،كيف حالك. -أهلا وسهلا بك أخي عواد ،لم أرك منذ أن تركتني عند خروجنا من الحفر؟ -هذا صحيح . -وقد كان افتراقنا أو إنفصالنا يعود للاختلاف في وجهات النظر؟ -نعم..نعم هذا صحيح. -أما الأن فلن نختلف أبدا، كذلك لن نفترق لأني كنت ضالا وقد عدت إلى الله. -أنا أرى بأننا لازلنا نختلف في وجهات النظر ولكن تبدلت أدوارنا ؟ -لم أفهم الذي تعنيه ياصديقي. -لقد استبدلت طريق الدعوة بدنيا اللهو طالما أن الحياة في كل الأحوال ستنتهي ونعود إلى التراب من جديد؟ -أنا لاأصدق ماتسمعه أذناي. -بل عليك أن تصدق كل ماتسمعه في هذه الدنيا؟ -لكن ،لماذا ؟ -أن لماذا ؛هو سؤال جيد،أموت ..ثم أحيا ..أحيا ..ثم أموت..أما أن أحرم نفسي العطشى من ملذات الدنيا ،فأن هذا شيء يزعجني،فاتخذت قراري ،ألم ترى تبدل حياتي ومظهري؟ -بلا أني أرى كل شيء ،لكن المهم هو الجوهر ياصديقي. -لم أعد أرغب بسماع المواعظ والحكم التي تحفز على الإيمان. -هل لي أن أسألك عما حدث معك منذ إنفصالنا؟ -نعم تستطيع بكل تأكيد ؛ فأنا بعد أن تركتك لم يقبل أحد بدعوتي له للعودة إلى الله،بل شعر الجميع بالاشمئزاز والخوف مني لمجرد رؤيتي، لمجرد أني إنسان ميت ،لكن عندما مررت بملهى ليلي للرقص والغناء والتجارة بالاجساد فقد استقبلوني بالترحاب ،وقد قررت البقاء معهم وقمت بتغيير مظهري إلى ما تراه الأن. -أن طريق الدعوة شاق ياصديقي لكن على المؤمن الصبر؟ -وأنا لاأرغب في إتباعه لقلة صبري. -وعندما أعرض عليك بحكم صداقتنا مرافقتي في طريق الدعوة والعودة إلى الله هل تقبل؟ -أبدا لن أقبل ،أخبرك أيضا بأني علمت بقصتك وعودتك إلى الله وأنك ستمشي في طريق الدعوة،أنا ياصديقي أؤمن بالله كما تؤمن أنت وكما يؤمن البعض غيرنا لكني إخترت الباب الذي فتح أمامي على مصراعيه . -أن ذلك حقا يحزنني ياصديقي فأنا أحبك بالله واتمنى أن نكون معا في الدنيا وفي الجنة أيضا؟ -قلت لك قبل قليل أننا نختلف من جديد ولن نكون أخوة أبدا أرجو أن تبتعد عن طريقي. لم يستطيع عدنان منع دموعه من الانهمار وقال بأسف شديد : -سأبتعد ياصديقي وأتمنى أن يهدنا الله وإياكم. لم يبالي عواد بدموع صديقه عدنان بل استدار مغادرا دون أي تأثر، وقال الحصان بأسف شديد أيضا: -لقد خسرنا أول رجل نلتقه؟ قال عدنان : -لم نخسره أبدا ،سيعود إلى الله نادما ،وسيأتي إلي لمعانقتي ،لكنه.. لن يجدني لأني حينها سأكون تحت التراب وسيذرف الدموع فوق قبري؟ قال الحصان : -وكيف عرفت ذلك؟ -لقد أخبرني الملاك بذلك قبل قليل. (يتبع..) تيسيرمغاصبه ١٧-٢-٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة