,,. العائد، 10: بقلم تيسير مغاصبه

قصة متسلسلة "العائد" -١٠- كان عدنان يمشي ويتعثر كما وأنه لم ينم منذ أيام ،لم يعلم لماذا يشعر بالضيق ،وهو في الواقع شعر بالضيق منذ أن قابل الجنية وأخبرته بأن وردة لم تكن تحبه ،وإذا كان ماتقوله الجنية حقيقة فهذا يعني أن وردة كانت تخدعه طوال معرفته بها. وهو مدرك بأن الجنية لايمكن أن تكذب عليه لأنها بلا شك تستطيع رؤية الأخرين دون أن يرونها. لكنه أيضا كان يلوم نفسه لأنه ترك تلك الوساوس تتمكن منه وتؤثر عليه. بينما هو في حيرته رأى قادم من بعيد فأخذ يحدث نفسه وهو يخمن ماذا ياترى سيكون جنس القادم هذه المرة ،وماهي المفاجأة التالية؛ هل هو رجل ،أم امرأة،أم جان،أم غول،أم إمرأ سوء. بعد أن قصرت المسافة بينهما خيل إليه بأنها امرأة ترتدي أجمل الثياب ،لكن عندما وصل إليه وأصبح أمامه مباشرة إنبهر به وكاد أن يسلب عقله ،لقد كان فتى جميل الصورة. فبدى كما وأنه ملاك على الأرض ،لقد كاد قلبه أن يتعلق به على الفور ،إقترب الفتى منه فاتح ذراعيه معانقا ،وبالرغم من ذلك فقد عانقه عدنان بتردد لأنه خشي من الفتنة. حدث نفسه "اللعنة لولا المبالغة لقلت أنه يفوق الجنية جمالا وسحرا ،من أين ظهر لي هذا؟" قال الفتى بثقة كما وأنه سمع مافي صدره من حديث: -مرحبا أيها الحبيب؟ -أهلا بك، لكن هل تعرفني. -بالطبع أنا أعرفك منذ اللحظة الأولى التي عدت فيها إلى الحياة؟ -لكن من أنت. -بأمكانك أن تعتبرني منذ هذا اليوم الحبيب الروحي لك؟ -لم أفهم. -بل أنت تفهم أيها الحبيب لكنك تكابر ؟ -صدقا أنا لاأعلم من أنت. -إذن ستعلم مع مرور الوقت؟ -من أين قدمت أيها الفتى. -لاتصفني بالفتى لأني أخبرتك قبل قليل بأني أصبحت الحبيب الروحي لك؟ -حسنا أيها الحبيب. -أنا لست قادم من أي مكان ،بل كنت ولازلت معك دائما ،لكنك لم ترني سوى اليوم ،لكن أنت إلى أين تنوي الذهاب ؟ -كنت قبل ذلك باحث عن المدنية، موطني ،لكن بعد أن علمت بأن الزلزال قد دمر كل شيء ؛أصبحت الأن باحث عن الحقيقة . -الحقيقة ؟ -نعم . -لكن أنا أرى بأنك قد وصلت إلى الحقيقة ،بل وتجاوزتها إلى ماهو أعظم منها أيضا؟ -ماذا تعني أيها الفت....أقصد أيها الحبيب. -أعلم بأنك غير مؤمن أليس كذلك؟ -نعم بكل تأكيد . -هذا يكفي ،أن هذه هي الحقيقة ،أنا أيضا غير مؤمن بأي شيء ،لأنه في الحقيقة لايوجد أي شيء،لأنه بالفعل لايوجد شيء، ولم يكن شيء، ولن يحدث شيء، أن الموت يعني الفناء أيها الحبيب؟ -شعر عدنان بالقلق والضيق معا من هذا القول،فأدرك الفتى ذلك ،ثم إقترب منه كثيرا فكاد أن يلامس وجهه ،حينها شعر عدنان بأنفاس الفتى تخترق أنفه وتنفذ إلى رئتيه وإلى قلبه ،بل وإلى دماغه ،فكانت أنفاسه نفاثة أشبه بالمخدر ،فكاد أن يؤمن حقا بما يقول . إختل توازنه فكاد أن يقع أرضا ،أبعد الفتى عنه بيديه الاثنتين وقال له: -أنا لي رجاء عندك أيها الحبيب ،هذا إن رغبت بمرافقتي؟ -وماهو. -أن لاتقترب مني هكذا، ثانية،وأريد منك أيضا أن تمشي ورائي ؟ -وهل يجوز ذلك أيها الحبيب. -هي رغبتي ؟ -يبدو أنك أضعف مم كنت أظن. إستفزت عدنان تلك العبارة وقال: -حسنا ،سر بجانبي ،لكن لاتقفز أمامي في كل حين كما فعلت قبل قليل؟ -أوافق. -أشكرك؟ -لكن تعجبني أفكارك أيها الحبيب. - قبل موتي لم تكن هي الأفكار ذاتها ؟ -فرأيت الحقيقة من خلال الطبيعة بعد عودتك وهي أننا أبناء الطبيعة ،وعندما نفنى نصبح سماد للنباتات والأشجار وطعام للطيور والحيوانات،إذن هي الطبيعة تغذي نفسها بنفسها ،وتحيي نفسها بنفسها ،شيء يموت ليحيا شي، أخر. -..................... وصلا إلى واحة ،قال عدنان: -ما أكثر الواحات في الصحراء،أن الماء هو عصب الحياة ؟ -هذا جميل ؟ حاول الفتى نزع ثوبه فظهر جسده الأبيض ،لكن سارع عدنان بمنعه وقال له : -ماذا تريد أن تفعل ؟ -أريد أن أغطس في البحيرة ،يجب أن نستحم لنكتسب بعض النشاط. -لاتفعل ،وإن فعلت سأتركك وأذهب؟ -حسنا أيها الحبيب كما تريد. شربا الماء وإستراحا..شعر عدنان بأنه لازال متأثرا من أنفاس الفتى ،فكان يشعر بثقل في رأسه ،إستلقى على ظهره ..أغمض عينيه بينما كان يحدث نفسه "من أين جائتني هذه المصيبة ،يا الله أبعده عني ..ه..ماذا قلت !!..هل ذكرت الله ثانية؟!" ماأن فتح عينيه حتى رأى وجه الفتى أمامه كما فعل سابقا ؛وقال كما وأنه سمعه ماذا قال في سره: -أنا الحبيب ؟ هنا قفز عدنان واقفا وقال بغضب : -ألم أقل لك لاتنظر في وجهي ولاتقترب مني ياهذا ،حقا أنت فتنة ؟ -أعتذر أيها الحبيب لقد أعتقدت أنك مت من جديد. قال عدنان وهو لازال ثائرا : -ليتني أمت؟ قال الفتى : -نعم ؛ لقد فهمت الأن ،يبدو أنك شديد النفور من الجمال ،ولهذا سأظهر أمامك بوجهي الآخر الذي يشبه قلبك بقبحه. في تلك اللحظة تحول الفتى إلى مخلوق قبيح الصورة ،له آذان طويلتان، وأنياب أشبه بأنياب الوحش ،وأصبح صوته شديد الخشونة وظهر بيده شيء رهيب اشبه بالمخرز وقال: -حسنا ،هل تريد أن تراني هكذا ؟ صرخ عدنان بذعر: -ياحافظ ياعفو ياجبار أستجير بك من الشيطان؟ -إذن عرفتني الأن . -أعوذ بالله منك أيها الملعون الرجيم؟ -لاتقل ذلك فأنا بريء منك أيها المتذبذب، فأنا لم أدفعك إلى ماأنت فيه أبدا، بل أنت الغير مؤمن بخالقك ؟ ثم رفع كفيه ناظر إلى السماء وقال : اللهم إني بريء منه. -أعوذ بالله منك أيها الشيطان الرجيم؟ ثم تحول الشيطان إلى دخان كثيف أشبه بالسرداب الطويل فأخذ يعلو ويعلو حتى تلاشى كما وأنه لم يكن . (يتبع....) تيسيرمغاصبه ٣١-١-٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة