لقاء هناك: بقلم عماد حمدي

 لقاء هناك

قصة بقلم /عماد حمدي

يجلس في صمت ,يدس سيجارة في فمه ,يشعر بلذة وهو يراقب حلقات الدخان تتصاعد حاملة معها ضيق يعيث الما في صدره,يرن محموله ليظهر علي الشاشة اسم الحكومة ’تعلو وجه علامة تبرم :لن أرد –لن ادعها تقبض علي لحظة الاسترخاء لتودعها في سجن الرتابة والملل ,ينظر الي السماء الصافية ويفتح أبواب صدره لتلقي نسيم الصباح ؛فقد أعتاد ان يتسلل من منزله بعد خروجه معاش مبكر عقب بيع شركته في الخصخصة.

النادي ملاذ أمن له:يبتعد عن تسلط زوجته ,ينعم بهدوء ,يتصفح الجرائد ,يقابل بعض الاصدقاء

يمسك محموله لتصفح النت ,ينظر إلي صورة ابنتيه لتعلو وجهه أبتسامة فقد تزوجتوا زيجات سعيدة ,وبقي هو في قبضة الحكومة .

-يرتشف فنجان القهوة ,تمر أمامها ,يقفز من مكانه ,هل يمكن أن تكون هي ؟سؤال لا يتنظر الاجابة عليه :ينادي بصوت مسموع "راندا محمد "—تستدير ليشعر أن الاقدار وضعت نهاية لرحلة بحث دامت اكثر من عشرين عام ,اخذ ينظر اليها وتنظر اليه –يحاول ان يمليء فراغ دام في عينيه سنوات فلم تستقر امرأة في ناظريه غيرها –تديم النظر اليه نظر من ورد البحيرة بعد شهور من الظمأ—يفرك عينيه غير مصدق فاليوم ساعة أستجابة لدعاء مستقر في قلبه ليل نهار ---تتراقص فرحة غير معهودة في عينيها.

"أتفضلي اقعدي يا حبيبتي "جملة قالها قفز بها لسانه عشرات الحواجز .

تجلس بهدوء ,تمر لحظات في سكون ,لم تتغير كثير :وجه احتضن شطر الحسن ,شعر منسدل يتواري خلف الحجاب وشعيرات بيضاء قليلة –ينظر الي عينيها ليتأرجح في عالم السكينة والنقاء .

"اتغيرت كتير يا جو "جملة تقولها ليشعر أن جسور الود ما زالت متصلة .

-قصدك علشان تخنت شوية والكرش وشعري اللي وقع .

**كل ده مش مهم المهم روحك ومشاعرك والا انا غلطانة .

-عمري ما نسيتك يوم فتشت عنك في كل مكان .

--يقطع الجرسون الحوار :"تشربوا حاجة يوسف بيه "

--هات لنا يا محمد اتنين عصير جوافة .

*لسه فاكر باحب اشرب أيه .

-عمري ما أنسي.

--يتأملها بشغف يقفزإلي ذهنه تفاصيل اول لقاء ,كانت تقف مع زميلة لها :تتحدث بلطف ,تبدو باسمة الوجهة ,اذا تسللت ضحكة تشعر أن النعيم قد سكن ربوع الارض ,تبادلا النظرات ,تحدث معها ,شعر أنه يعرفها منذ سنين ,أن شعور غريب بدأ يطرق باب قلبه.

--بدأت تشعر بقلبها يخفق,أخذ هو يختلق الفرص للقاء,شهدت أروقة الكلية اجمل ايام ,كان يجلس بالساعات يحادثها,كانت تتمتع بحديثه :تشعر بكلماته تعزف لحن سعادة سرمدي .

**يهدم جدار الصمت بسؤاله :ايه اللي حصلك من ساعة ما سبتك ؟

-تزوجت وكان انسان رائع وأنجبت منه يوسف ابني :محاسب في بنك ؟وإنت؟

**تزوجت امرأة عمقت حبك في قلبي ,عشت معها فترات صعبة ,رزقت براندا وهناء .إنت لوحدك هنا؟

-مليش غير يوسف زوجي مات منذ سنتين .

*البقاء لله :يقولها وأمل قديم نهض في صدره .

--حقيقي النهاردة أجمل ايام حياتي .

*وانا كمان .

--تقفز إلي ذهنه صور خروجاتهم ,شوارع روكسي شاهدة علي لحظات احتسي فيه كئوس السعادة,لم يكن يشعر أنها مجرد فتاة :هي في نظره كائن نوراني فر من كوكب الحسن ,تتحدث فيحس بجدول رقراق صاف ينساب من شفتيها ,تصمت فيجمع حواسه لمراقبة جمالها .

*انت عضو في النادي .

-أنا عضو من عشر سنين .

*انا لسه ساكنة هنا جديد وأبني جه معايا يعمل اشتراك النهارده علشان الاقي متنفس لي .

---يشعر أن هدايا القدر تتساقط علي روحه فتعلو وجهه ابتسامة .

**كان لديها شعور أنه شاب من نسيج مختلف ,لم ينظر اليه يوما نظرة مريبة لم يحاول ان يلمسها ,كان يخشي عليها من النسيم –من نظرات المتطفلين ,بذل كل ما يملك من مشاعر وجنيهات قليلة لرسم السعادة علي وجهها ,كانت تشعر أن السويعات التي تقضيه معها هي ما يحتسب من أيامها .

--يتجاوز حاجز السكون بقوله :تصدقي لم اتمني أن يكون معي فلوس الا علشان افضل جنبك علي طول .

--كل شيء نصيب .,جملة تقولها تحاول بها ايقاف اجترار ذكريات مؤلمة .

حاولت مرار الصمود ,لكني مبرارتي لرفض الزواج انتهت :كنت في اخر سنة ورفضت عرسان كتير وانت عارف وانت للاسف مكنتش جاهز تتقدم لي  .

-عمري ما كان عندي شك في اخلاصك ,بس ممكن نخطف يومين نعيشهم مع بعض .

*بس :قبل أن تكمل رده

جاءها صوت من خلفه ينظر صاحبه باندهاش

"ماما أنا خلصت اوراق الاشتراك هنمشي والا ايه "

(تمت )



تعليقات

المشاركات الشائعة