العائد ٦: بقلم تيسير مغاصبه

 قصة متسلسلة 

    "العائد"

       -٦-

لم يظن عدنان للحظة أن مافعله مع صخر يعد جحود ونكران للجميل ،

بل أن مافعله هو شيء طبيعي يفعله الإنسان الغير مؤمن ،وهو إنسان غير مؤمن.

لكنه كان  يشعر بالضيق ويعيش صراع مع ذاته ؛صراع مابين الرضا والرفض.

ثم من جهة ثانية نقم على البدوي صخر الذي جعله يشعر بالاحباط لقوله أنه لايوجد مدنية ،بينما هو يذكر بأنه ترك الدنيا زاخرة بالعمران والتطور ،وبنايات تناطح السحاب .

لعل صخر لايعلم شيئا عن المدينة وربما يكون قد عاش حياته هنا في الصحراء.

قادته الأقدار إلى مقبرة ليمر من وسطها ،فقال في نفسه أنه لابد من وجود مبان أو على الأقل خيام بالقرب منها، لعله يجد من يسأله سؤاله الوحيد ويسمع إجابة تريحه.

مشى قاطعا المقبرة ..رأى من بعيد رجل يقوم بنبش قبر حديث جدا ،فكان مظهر الرجل مريب جدا ،ما  أن أصبح قريب منه حتى جلس يراقبه عن كثب.

فتح الرجل القبر ..أخرج منه الجثة ..نزع عنها أكفانها فكانت الجثة لفتاة شديدة الحسن والجمال، جمالها لايمكن وصفه ، جسدها الأبيض يشع نورا..قام بفك ضفيرتها..حرر شعرها الطويل وفرده حولها لتزداد سحرا وجمالا. 

بدت الفتاة في السابعة عشرة من عمرها ،نزع الرجل ثيابه وأراد أن يعتدي عليها وهي ميته ،فكانت بقدرة الله تستر عورتها بيدها اليمنى ،حتى متى ما رفع يدها اليمنى، كانت  تستر عورتها بسرعة بيدها اليسرى.

فبقي الحال هكذا  بينما عدنان يراقب مايحدث عن كثب ،قال بعفوية بينه وبين نفسه:


-أعوذ بالله من غضب الله...أ..هل..ماذا قلت ..هل ذكرت الله ؟


نهض وتوجه إلى الرجل ،وقال له:


-ماذا أنت فاعل ياهذا ومن هذه الفتاة؟


رد الرجل بثقة:


-بالرغم من أن هذا الأمر لايعنيك بشيء ،لكني سأخبرك على أن تقم  بمساعدتي للحصول على مبتغاي من تلك الفتاة العنيدة في حياتها ،وكذلك عنيدة في موتها.


-..................


-لقد أحببت تلك الفتاة حبا جما ،وقد إشتهيتها..لكنها كانت من عائلة فقيرة ،تقية ،ملتزمة، عرضت عليها الزواج لكن عرضي قوبل بالرفض لسوء أخلاقي ،وبما أني شديد الثراء فأني عرضت على أبيها  المال الكثير،وأيضا أبيها رفض، ولم أستطع شرائها بمالي بالرغم من فقرهم وحاجتهم،فعاهدت نفسي على أن أنال مرادي من جسدها الفاتن ولو لمرة واحدة ، فبقيت أترصدها..ويالخيبة الأمل ،لقد توفيت الفتاة التي عاشت عمرها القصير عفيفة ، ماتت موتا مفاجئا وقبل أن أنال مرادي منها ؟


-لكني لم أفهم بعد ،لماذا تقوم بأنتهاك حرمة جسد فتاة ميته هكذا.


-يبدو أنك لم تفهم ،لأنك ربما  تكون رجل غبي ، أن ما أريده هو أن أنال مرادي منها لافرق إن كانت حية أو ميته.


-نعم فهمت الأن؟


-شيء غريب أنك فهمت ،لكن في الوقت نفسه  شيء جيد أنك فهمت ،والأن هلا قمت بمساعدتي، وأنا في المقابل سأعطيك ماتريد من المال.


-أساعدك بماذا ؟


-آه..ظننت أنك بدأت تفهم ..يالغبائك المستفحل، يبدو أنك لست من هنا ..أريد منك الإمساك بأيدي تلك الفتاة العنيدة حالما أنتهي من حاجتي منها.


إرتعش جسد عدنان من شدة الغضب وقال :


-حسنا ؟


شعر الرجل بالسعادة بينما كان ينظر إلى جسد الفتاة متأملا، تلفت عدنان حوله..حمل صخرة كبيرة وهوى بها على رأس الرجل ،وقع  الرجل على الأرض ،فأخذ عدنان يرفع الصخرة ويعود ويهوي بها من جديد على رأسه حتى تناثر مخه .

ثم قام بإعادة أكفان الفتاة عليها وأعادها إلى قبرها وأهال فوقها التراب ،

وتابع طريقه تاركا الرجل لتنهشه الغربان ،وقد أوشكت الشمس على المغيب، فتوجه نحو كهف قريب وهناك أشعل النار وجلس منتظرا إنقشاع الليل.


( يتبع...)

تيسير مغاصبه 

١٩-١-٢٠٢٣


تعليقات

المشاركات الشائعة