كانون يا حبيبي: بقلم سمية الإسماعيل

 كانون يا حبيبي 


هذا الصباح 

من أيام كانون 

يمر بارداً ككل الأيام 

لسعات تضرب أوصال الشوق المتجمدة 

في عروق الحنين 

أتساءل 

هل تشعر بها؟ 

تلك الكرة الثلجية التي تكبر بيننا ؟

في السابق كنت تلاحقها بأشعة وجدك

تلهب  من حرها 

خدودي 

و ربما شفاهي المرتجفة 

تحت وقع أنفاسك الحارة العذبة 

أشعر أنني 

أغط في بحر عينيك الدافئ 

أتذكر عندها 

أنني لا أتقن السباحة 

و أن احتمال الغرق فيه 

أكبر من احتمال النجاة 

و ليس لدي ما يعينني أصلاً  على النجاة 

إلا أنفاسك من جديد 

تعيد اتزان المد و الجزر 

لتحملني موجة لهفة

ترسو بي على شواطئ الحنين 

******** 

هذا الصباح تذكرتك

حين فاحت رائحة قهوتي 

على موقد الحطب

كم كنت تضحك عندما أقارنها بعطرك 

أتذكر ؟ 

ما زلت أيضاً أملأ  فنجانك على الطرف الآخر 

من الطاولة 

أمام مقعدك الوثير 

تتدثر بوشاحي 

تغمره 

تغطي به وجهك و تداعب جدائله 

تنظر إلي.. و تقول 

رائحتك أشهى 

**************

تعال معي 

لنتجول في حديقة أحلامنا 

أما اشتقت لشجرة الجوري الأبيض

عشقي .. و نهمك

أن تقطف منها كل يوم وردة 

تضعها في شعري 

تقول أنها تصبح أجمل 

هناك تحت ظل شجرة الرمان 

وقفت ترسمني 

تشبهني بالجلنار 

و عندما تنتهي أجدني بلا أخطاء 

امرأة كاملة الأوصاف 

كأنها من الحور 

تقول لي .. 

أعشق تفاصيلك الصغيرة

وجهك الأسمر 

عنقك المرمر 

و إن كان يختلف في اللون 

جيدك المتحور .. 

المتراقص على جمر قلبي 

كأنه زلزال .. ربما اكثر 

يسحرني 

حين يتلوى بين يدي 

و يتدلل 

كم كنت أنعم بمفردات حبك 

وطريقة غزلك 

كنت رقيقاً كالنسمة 

أين أنت ؟

**************

آه لقد بدأت من رحيق الفجر 

أسكر 

عيناك تطاردني.. ترافقني 

في كل أرجاء المنزل 

تعد معي مائدة الإفطار 

تجالسني..  

تشرب كأس الشاي بلا سكر 

تقول أن المر من بين يدي يصبح 

حلواً..  أكثر 

سأغزل من كلماتك سجادة صلاتي 

في ركن من قلبك 

أقيم عباداتي 

فجراً .. ضحى هكذا إلى العشاء

و الوتر  ثلاث 

أنا و أنت ..و ليل صبابة و غرام 

دعني… 

شموع سهرتنا ذرفت من الدمع 

ما يكفي . 

*************

اليوم أيضاً كان غريباً 

رغم البرد .. رغم صفعات كانون 

جاءني ساعي البريد 

يحمل رسائلي 

منذ اكثر من كانون 

يجمعها .. يرتبها .. يعطيها لي 

يقول : " لم يستدل على العنوان " 

يصعقني ! 

يرميني في بئر حزني

لمن إذاً كنت أزرع الياسمين 

و أحواض البنفسج .. و زهور التوليب و الأوركيد 

لمن كنت أعد المساءات 

كؤوس الرحيق 

و بعض الراح تسكبه عينيك 

أتساءل 

من كان يراقصني ؟

يهديني ازاء القرب قبلة 

يقول لي أنت لي كل  الدنيا 

************

ما بين الأريكة و الموقد 

يبرد فنجان القهوة 

و على الجدار ما زالت 

عالقة تحيي الذكرى 

صورتك و شريط أسود يزينها . 


سمية الإسماعيل/سورية


تعليقات

المشاركات الشائعة