العائد 8 : بقلم تيسير مغاصبه

 قصة متسلسلة

     "العائد"

        -٨-


بعد أن تخلص عدنان من الغولة مشى محاولا قطع أطول مسافة ليكون بعيدا عن وادي الغيلان.

مشى حتى نال منه التعب ،رأى نخلة وحيدة ،توجه إليها ليسترح تحتها ويلتقط أنفاسه.

وصل إلى النخلة ..جلس ..أسند ظهره عليها ..رفع قربته وشرب حتى إرتوى .

تأمل سراب الصحراء البعيد فحدث نفسه :


"هل أنا ذكرت الله ثانية ..هل إستنجدت بالله !! لكني غير مؤمن ..فكيف أذكر مالا أؤمن به ؟"


رد عليه رجل:


-حسنا يكفي هذا ياعدنان ؟


-من.


تنبه إلى الرجل الذي ظهر أمامه فجأة ،فقد كان يشبهه تماما، بل وكان مرتديا قطعة قماش على خاصرته مثله تماما ،فبدى كما وأنه إنعكاس له.

نهض عدنان وهو يشعر بالدهشة مم ترى أعينه، كرر الرجل كلامه:


-ألا يكفي هذا ياعدنان؟


-من أنت ،وكيف عرفت اسمي.


-ههههههههههه ؟


كان الرجل ينظر إليه نظرات  سخرية وغضب معا،قال عدنان :


-يبدو أنك عائد مثلي؟


-نعم ،عائد.


-وماذا تريد أيها العائد المتطفل ،فأنا أكره حتى نفسي ولست بحاجة إلى رفقة أحد؟


-حقا أنت إنسان غريب الأطوار. 


-قلت ماذا تريد مني ياهذا؟


-ماأريده هو إبعاد الغمامة عن عينيك ،وأن أوقظك من نومك ،وأن أخرجك من ضلالتك. 


-وماشأنك أنت إن كنت ضالا أم لا؟


-ماشأني!!


هنا قام الرجل بدفع عدنان إلى الوراء ولأن التعب  كان قد نال منه  وقع على الأرض بسرعة، 

فشعر بتشتت أفكاره ،بل وإعتقد بأنه يحلم ،فقال في نفسه :


"ياترى من هذا ..أو ..من أنا ..هل أنا حي أم ميت..هل أنا هو ،أم هو أنا؟"


-لاتفكر كثيرا ؟


-أذن أنت إنسان أخر ..أنت هناك وأنا هنا .


-بل أنا هنا وأنت هناك هههههه؟


-لابد أنك  مجنون وأن السماء قد أرسلتك لنقل عدوى جنونك إلي .


-على أي حال أن المجنون خير منك ،أتعلم لماذا ..لأنه لايدرك شيئا ولهذا رفع عنه القلم ،ألم يحن الوقت لتفق ،أن الوقت يمر سريعا و..العمر المقرر قصير جدا.


-أي وقت هذا الذي تتحدث عنه ياهذا ،وأي عمر، وعلي أن أفق من ماذا ..ثم..ثم وماشأنك أنت ؟


-قلت لك لاتكرر عبارة ماشأنك لقد أرهقتني.


-بل سأقولها دائما حتى تغرب عن وجهي أيها الجيفة  النتنة؟


-هههههههه جيفة ،وأنت ماذا.


-حسنا هلا تركتني وشأني؟


-لن أتركك حتى تتخلى عن تلك الذبذبة.


-الذبذبة؟


-نعم ..الذبذبة في الإيمان،  لماذا تكرر دائما قول  بأنك غير مؤمن بينما أنت لست كذلك؟


-بل أنا فعلا غير مؤمنا.


-أهذا فقط لأنك لم تلتقي بوردة؟


-أنا..أ..أنا فقط غير مؤمن.


-لماذ تصر على العيش لدنياك وتنسى أنك مكلف بتبليغ رسالة ،ثم ماذا يوجد في الدنيا لتتمسك به  غير تلك الصحراء ؟


-أنا غير مكلف بتبليغ  أي رسالة ،لأني لم أرى أي شيء كي أبلغه ،أما الدنيا فكان من المفترض أن تكون جميلة فيما لو كانت وردة معي الأن ،ثم..ثم لماذا لا تقم أنت بذكر  مارأيت وبالتالي أن تقم  بالتبليغ  ،هذا إن رأيت شيئا؟


هنا إنقض الرجل  على عدنان وقام بلكمه وطرحه أرضا وأخذ يركله، نهض عدنان وقام بمهاجمته بالمثل ودار بينهما شجارا  داميا وانتشرت الأتربة حولهما.

 كانت قوة الرجل الغريب تعادل قوة عدنان ،وقد تعرض كلاهما للكدمات وسالت الدماء منهما ،بعد ذلك إنهارا معا على الأرض، قال عدنان :


-والأن قل من أنت ؟


قال الرجل:


-أنا مؤمن ومكلف بتبليغ رسالة.


-أما أنا فقلت لك بأني غير مؤمنا وإن بقيت حيا فأني لن أبدل أفكاري، فماذا تريد مني الأن..أن طريقنا ليس واحدا.


-سأرغمك على تبديلها؟


-لن تستطيع.


-بل أستطيع؟


- سأقتل شيطانك القوي؟


-قلت لك لن تستطيع .


-بل أستطيع ،وإن لم أستطع سأبذل قصارى جهدي على الأقل؟


وقف الرجل متهالكا ،كذلك عدنان الذي كان لايقل عنه إعياء ،إستعدا للنزال ثانية ،

لكن حسمت الموقف عاصفة رملية هوجاء قدمت من بعيد وغمرتهما معا وحجبتهما  ،ماأن هدأت العاصفة حتى إختفى الرجل معها وبقي عدنان وحده حائرا ،مشى بأعياء شديد وجلس تحت النخلة من جديد.


(يتبع...)

تيسيرمغاصبه

٢٥-١-٢٠٢٣


تعليقات

المشاركات الشائعة