العائد 7 : بقلم تيسير مغاصبه

 قصة متسلسلة 

    " العائد"

        -٧-


ماأن إنقشع الظلام حتى إنطلق عدنان متابعا طريقه  محدثا نفسه كالعادة:


"ماأجمل أن يكون للإنسان حبيب ،يرافقه في رحلته،قد يخفف عنه عبء الطريق ومشقاتها، ماذا لو كانت وردة معي الأن ..وماذا لو بقي العالم بالفعل صحراء قاحلة ..في تلك الحالة لن أهتم أبدا ووردة معي ..قد نستوطن الأرض ونسكن إحدى الكهوف ونعيش بسعادة "


أشرقت الشمس..شعر عدنان بالدفء الذي إكتسبه جسده العاري من الشمس الحارة. 

مع ضوء الشمس الساطعة لمح من بعيد واحة ،شعر بالارتياح حيث أنه هناك سيستريح وسيشرب حتى يرتوي ويملأ قربته منها.

وبالفعل وصل إلى الواحة .. شرب حتى إرتوى ،ثم ملأ قربته ومن ثم نزع القماش الذي يستر به نفسه وغطس في الماء ،فبدأ يستحم.. ويلعب.. ويضحك،ويرشق الماء وهو يتخيل وردة أمامه تشاركه الاغتسال، كان يرشقها بالماء ويضحك بصوت مرتفع.

أن الحب.. والماء..والعري..والتراب غرائز فينا تمنحنا الرغبة باظهار جنوننا لاشعوريا. 

خرج من الماء..حمل كفنه..لفه حول خاصرته ومن ثم قام بربطه.

بعد ذلك أراد أن يستظل تحت نخلة ،لكن ماأن إستدار حتى رأى أمرأة تكتسي السواد كانت جالسة تحت نخلة مم يعني أنها كانت تراقبه منذ وصوله إلى الواحة ،ونزوله إلى الماء.

شعر عدنان بالحياء لمجرد رؤيتها فقال بغضب :


"لعلها رأتني بينما كنت أستحم عاريا..كيف لم اتنبه إليها..لكن كان عليها أن تنبهني ؟"


لهذا السبب لم يذهب عدنان إليها ليسألها إن كانت بحاجة إلى مساعدة فقرر ترك الواحة والمغادرة. 

لكن المرأة قالت بصوت مبحوح ،ضعيف :


-هلا إقتربت وسألتني عن حاجتي ،أين ذهبت المروءة؟


وبالفعل شعر عدنان بالخجل من نفسه هذه المرة بسبب تصرفه،فأقترب من المرأة وقال لها دون أن ينظر إلى وجهها :


-أعتذر سيدتي فلم يكن لائقا بي  الاقتراب منك وأنا هكذا بلا ثياب ؟


تجاهلت كلامه وقالت :


-من أين أنت قادم ياهذا؟


-أنا عائد..ولاأعلم إلى  أين ستقودني قدماي .


-ه..لقد قادتك إلي ؟


-ماذا قلت؟


-أ..أعني ..من أين أنت عائد؟


-عائد من الموت.


-من الموت؟


-نعم.


تمتمت:


-إذن هو جيفة ،وأنا كم أكره الجيف؟


-هل قلت شيئا سيدتي؟


-ههههه..لا ..أنا لم أقل شيئا.


كان يبدو من صوتها أنها أمرأة  عجوز ،عندما رفع رأسه ونظر إليها كانت أمرأة شديدة القبح ،ينتشر الفرو في جسدها ووجهها ويديها كفرو الرجل تماما ،يسيل لعابها الكريه الرائحة ،بينما الذباب والبعوض لايفارقانها.

قالت :


-لقد وقعت وإلتوت قدمي ..هلا ساعدتني للوصول إلى منزلي في الوادي ؟


-بلا شك سأفعل سيدتي.


أمسك بيدها الكثيرة اللزوجة، الكريهة الملمس وسارا معا،

سارا لمسافة ليست بقصيرة نزولا إلى الوادي ،

بدأ يرى بعض الهياكل العظمية الملقاة هنا وهناك،  وسألها بقلق :


-ماهذه الهياكل سيدتي؟


-ههههه لاعليك ياعزيزي أن هؤلاء أغبياء ماتوا بينما كانوا يقطعون الصحراء ؟


مرا بقناة وقالت العجوز :


-اللعنة ..هيا أسرع ،لكن إحرص على ألا  توقعني في القناة ،فأنا أشعر بالجوع الشديد؟


-ماذا قلت سيدتي.


-ههههه أقصد أني سأموت من التعب هلا حملتني قليلا ؟


-حسنا سأفعل ،لكن إسمحي لي بشرب الماء أولا ؟


-عليك اللعنة ،هيا أشرب بسرعة .


توجه نحو القناة  جلس  ليشرب ،قالت العجوز بغضب :


-ولماذا لاتشرب من تلك القربة المربوطة على خاصرتك؟


-أن مياه القناة أكثر عذوبة ياسيدتي. 


قبل أن  يشرب نظر خلفه فرأى قدمي المرأة العجوز فشعر بالفزع الشديد ،لقد كانتا كحوافر البقرة ،لكن استطاع أن يتحلى بالشجاعة الكافية التي منحها إياه الله وقال متقربا إلى الله:


-يادافع البلاء..ياقوي قوني..يالطيف الطف بي ؟


تظاهر بأنه يشرب الماء حتى لاترتاب به عندما تكتشف أنه قد كشف أمرها،بعد ذلك قال لها:


حسنا إصعدي الأن على ظهري ؟


ماأن رفعت قدمها حتى دفعها إلى القناة وأسقطها فيها فأخذت تصرخ :


-سلمت لاسلمك الله،  عليك اللعنة،إن نجوت  سأنال منك يوما؟


أخذ يجري حتى وصل إلى الواحة ،ومن هناك تابع طريقه .


(يتبع....)

تيسيرمغاصبه 

٢٣-١-٢٠٢٣


تعليقات

المشاركات الشائعة