العائد (3) : بقلم تيسير مغاصبه

قصة متسلسلة 

     "العائد"

        -٣-

تابع عدنان طريقه وهو لايزال يحدث نفسه بصوت مسموع كعادته في حياته قبل الموت والأن بعد عودته إلى الحياة :


"بلا شك أن تلك الفتاة أجمل  بكثير من وردة ..بل وهي مثيرة أكثر منها..و..الحقيقة أن وردة لم تكن تمتلك أي جمال يذكر مقارنة بتلك الفتاة ،وبالتالي هي لاتمتلك أي من مميزات الإنوثة المثيرة ، لكني أحببتها ..ويقال أن الحب أعمى..نعم لماذا أحببت وردة  كل هذا الحب وتعلقت بها كل هذا التعلق ..هل لأني لم أعرف أي فتاة قبلها..ربما ..اللعنة مابالي أفكر بفتاة أخرى ..لكني لازلت على وفائي لوردة ..لكني..لكني لم أكن أشعر أنها كانت تبادلني الحب بنفس درجة حبي لها..أي بنفس القوة ..وإلا لماذا رفضت الهرب معي لنعيش معا ..لماذا خضعت لقرارات أسرتها العقيمة. "


إنبعثت إلى أنفه رائحة الشواء التي يسيل لها اللعاب ،

ذكرته تلك الرائحة بجوعه البطني ،فبدأ يسمع صوت معدته الأشبه بصوت الرعد البعيد ،المنخفض الصوت. 

كانت رائحة الشواء منبعثة من نفس طريقه كونه كان مواجها للرياح التي كانت تحمل معها رائحة الشواء.

مشى حتى رأى من بعيد رجل جالس إلى جانب ناقته  المحملة بالبضائع ،كان الرجل منهمكا في الشواء بينما كان يردد بعض الأشعار المغناة بصوت مرتفع محاولا مؤانسة نفسة وإبعاد وحشة الصحراء عنه بالغناء.

ماأن اقترب عدنان منه ملقيا عليه التحية حتى تأمله الرجل  بقلق،  رد التحية ثم سأل مستوضحا :


-أانت ميت أم حي ..انس أم جان ؟


-أنا انسي ،كذلك انا حي ألم القي عليك التحية قبل قليل .


-ها..نعم، إذن أنت من العائدين ؟


-هو كذلك .


-تفضل كل مم  رزقنا الله؟


جلس عدنان بسرعة منتظرا الطعام وقال:


-لن أخذلك سوف أشاركك طعامك ،لكني غير مؤمن . 


-إذن أنت أخي في الإنسانية؟


-ألا يزعجك وجودي.


أجاب الرجل وهو غير صادق في قوله:


-أبدا..أنا بحاجة إلى من يشاركني طعامي؟


-أشكرك.


ماأن نضج الشواء حتى بدأا بتناول الطعام ،أكل عدنان كما وأنه وحش مفترس ،نظر إلى الرجل فوجده ينظر إليه مستغربا من طريقة تناوله للطعام ،فقال عدنان :


-أنا لا أستحي عند تناول الطعام لأنه يقال لاحياء عند تناول الطعام  أرجو المعذرة؟


-كل ياصديقي هنيئا مريئا.


ماأن إنتهى عدنان من تناول الطعام ،وبينما كان يلعق أصابعه وكفيه سأل عدنان  الرجل :


-ماأسمك ياصديقي ؟


-أسمي عزيز ،وأنت ماأسمك.


-أنا عدنان؟


-سعدت بمعرفتك ياعدنان. 


-وأنا كذلك..أشكرك على الشواء اللذيذ ..أنت حقا بارع في الشواء..ماهذا الحيوان؟


-أنه خنزير بري.


شعر عدنان بالقشعريرة فبدى كما وأن معدته ستلفظ كل ماتناوله فقال بغضب:


-ماذا قلت ..لحم ماذا؟


-أنه لحم خنزير بري لماذا السؤال ياصديقي؟


-لكني لاآكل لحم الخنزير ..لماذا لم تخبرني قبل التناول!!


-لأن العربي يقدم طعامه دون أن يسأل الضيف ،أن الجود من الموجود ياصديقي.


-اللعنة؟


-أن هذا ماعثرت عليه في الصحراء ،وأنت تعلم أن الصحراء لاتسألنا ماذا  نشتهي من طعام.


-اللعنة ..اللعنة؟


علم الرجل أن ديانة عدنان تحرم أكل لحم الخنزير فأحتار بأمره وقال له:


-لكن بما أنك غير مؤمن فلا أعتقد أن هذا يؤثر بشيء .


-ف...فقط أنا لا أكل لحم الخنزير؟


-لماذا.


لم يعثر عدنان على جواب مناسب ومقنع للرد عليه فقال:


-أ...أن...هذا شأني؟


-أنت كثير التناقض  ياصديقي .


-لماذا؟


-تقول بأنك غير مؤمن وفي الوقت نفسه تتجنب المعاصي.


-لكن هذا ليس له علاقة بالمعاصي،أنا فعلا لست مؤمنا؟


-أبعد كل مارأيته ..حقا أنت إنسان  غريب الأطوار !!


-ماهي ديانتك ياعزيز؟


-هي على أي حال غير ديانتك، لكني أؤمن بجميع الديانات السماوية..مؤمن بالله ومابعد الموت .


نهض عدنان وقال بغضب:


-أسمح لي بالمغادرة ؟


أجاب عزيز بارتياح:


-رافقتك السلامة .


(يتبع.....)

تيسيرمغاصبه 

١١-١-٢٠٢٣


تعليقات

المشاركات الشائعة