العائد 1: بقلم تيسير مغاصبه

 قصة متسلسلة 


    " العائد "

        -١-

تثاءب عدنان كما وأنه أفاق من نوم عميق،

كان يسمع خطوات أقدام  العائدين ..شعر بالسعادة الغامرة ،إستطاع تمزيق القماش الأبيض المهترىء عنه بسهولة.

حك  ساقيه على جدران الحفرة الترابية ..إنتشرت رائحة التراب أكثر وأكثر ،كانت رائحة الرطوبة تحفز على الاسترخاء ومن ثم التحريض على النوم مجددا ،لكنه لايريد البقاء .

في تلك اللحظة تذكر مافعله قبل مجيئه إلى هنا عندما وضع المشرط الحاد على معصمه ومرره قاطعا شريانه وتدفق الدم بغزارة.

حينها إستلقى على سريره محاولا أن يغفو حالما تخرج روحه صاعدة إلى السماء ،

لم تكن حينها تنبعث إلى أنفاسه سوى رائحة العطر المحبب إليها.

حينها إتخذ قراره بتوديع الدنيا حيث الترف الفاحش والانفاق على ملذاته ببذخ واللحاق بها،هناك ..في السماء.

إزداد شوقه إليها  بمجرد  تذكرها وقال محدثا نفسه:


"لعلها تكون مع العائدين ..وإن لم تكن ..ويحك يا أنا لاأحب هذا الاحتمال ..بل لن أقبل به أبدا؟"


ارتفعت أصوات العائدين وهم يرحبون ببعضهم ويهنئون بعضهم بالعودة ،هؤلاء أصحاب الفرص الأخيرة ..نهض محني الظهر لظروف الحفرة ..ضغط غطاء الحفرة بظهره ليبدو كمن يحمل حملا ثقيلا..إستطاع رفع الغطاء ورميه جانبا ، رأى صديقه عواد واقف إلى جانب حفرته بينما كان يستر عورته بما تبقى من قطعة القماش البيضاء ،حيث كان يربطها حول خاصرته، عندما رأه عدنان تنبه على الفور إلى أنه يقف عاريا فربط قطعة القماش خاصته على خاصرته.

قال عواد وهو لايستطيع أن يتمالك نفسه من السعادة :


-عدنان ،إذن أنت عدت أيضا ؟


رد عدنان وهو يشاطره الفرح:


-تهانينا ياصديقي.


رفع عدنان قدمه ووضعها  على حافة الحفرة ،مد عواد يده له لمساعدته على الخروج..ثبت  عدنان كفه بكف عواد.. خرج ..تعانقا بشوق ومحبة ،

قال عواد :


-أنت كنت مم سبقونا بفترة ليست بقصيرة ياصديقي؟


-نعم هذا صحيح.


بينما كان عواد يتحدث لم يكن عدنان يسمعه لأنه كان منشغلا بالتلفت هنا وهناك متابع جميع الوجوه، متصنت عله يسمع صوتها،صوت حبيبته "وردة" لعلها تكون بين جموع العائدين.

وعندما لم يرها ترك صديقه عواد وجرى باحثا عنها بين العائدين حتى توقف الخروج من الحفر ؛ توقف

 تماما،وبقيت الحفر الأخرى مغلقة على ساكنيها.

ذهب الجميع وبقي عدنان منتظرا بخيبة أمل ،

جرى إليه صديقه عواد ..إقترب منه ..ربت على ظهره وقال مهدئا:


-إنتهت الدفعة

 ياصديقي ،لاأعتقد أن وردة من بينهم ..وردة لن تعود أبدا ..أن هؤلاء فقط هم العائدون من هذه المساكن؟


لكن عدنان صرخ معترضا:

-لا..لن أقبل بذلك..لن أقبل أبدا.


(يتبع....)

١-١-٢٠٢٣


تعليقات

المشاركات الشائعة