عابر سبيل (آه يا زمن):بقلم رعد الأمارة

 عابر سبيل ( آه يا زمن )


١   (عد النجوم )


لو أن أحدهم سألني عن حالي، لو فعل ذلك بصدق دون أن يشيح بوجهه بعيدا، لأخبرته بأني مستاء، نعم أنا مستاء من هذه الحياة، ماذا أقول، لكني أشعر بأنه لم تعد ثمة فرصة للأحلام الجميلة، الأمر لم يكن هكذا في الماضي، ففي ذاك الزمان الحلو كانت وسادتي مثل الثلج باردة، أحدق بدهشة في كمية النجوم التي علي أن احصيها، عن يميني سرير بارد آخر لأخي وهو أيضا يحلم، وغير بعيد  تهمس شقيقتي الصغرى بشيء في إذن توأمها فتكركران، أما أمي الحلوة مثل قطعة سكر كبيرة  فلا يهمها عد النجوم ،هي مشغولة بتدليك ساق أبي اليمنى أو اليسرى، حقا لا أتذكر أيهما . ما أعرفه أنه لم يعد ثمة سطح دار تعلوه الأتربة، ولا خطوات لسيد البيت وأميرته، حتى أخي لم يعد موجودا، بصراحة أنا لا أدري أين ذهب، لكنه كان مقاتلا جيدا على جبهات القتال!. أنا مستاء فعلا، ويدي، تلك اليد التي مست برفق رؤوس العشرات من النساء ترتعش، لم يعد ثمة من نجوم، أو بالأحرى لم يعد البصر قويا كما في السابق، ربما لو عاد الوميض الذي أعرفه لقمت بعد النجوم، أو على الأقل مواصلة العد حيث توقفت!!.


٢  (فن الوداع )


وداعها كان باردا، حتى إنها لم تنظر صوبي، يدها النحيلة الحلوة لم ترتفع للأعلى بتلويحة ما، حين عدت لوحدي وجدتها فرصة لركل بعض الحجارة، كنت غاضبا ومصابا بخيبة، وحتى أكون صادقا فقد كانت الدموع تلوح في أفق عيوني، ثم رن هاتفي، إنها رسالة، تبا للرسائل أن لم تكن منها، يا إلهي، الرسالة منها، توقفت بل جمدت في مكاني وأنا اقرأ ماكتبت :

_ عزيزي  سأحاول أن لا أغيب طويلا، حين أعود من السفر ستعرف لم كانت مشاعري جافة تجاهك!. بعد أسابيع طويلة عادت، والتقينا، حين صرت قريبا منها، هرولت مثل طفلة وقع بصرها على ارجوحة العيد، أذكر إنها أخذت بيدي اليمنى ثم قبلت ظاهر كفي مع انحناءة عراقية تليق بها، اغرورقت عيناها، كنت مندهشا، لكنها قطعت دهشتي حين همست قريبا من أذني:

_كان عليك أن تفعل هكذا معي قبل سفري.


بقلم/رعد الإمارة/العراق/بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة