إعادة تأهيل: بقلم رعد محمد المخلف

 قصة قصيرة


إعادة تأهيل. 


وأخيرًا تحقَّق حلمي، وها أنا أودّعُ والدتي عند باب الحافلة؛ لقد قررتْ زيارة أختي في العاصمة دمشق ، مخلِّفة وراءها قطَّها المدلّل " بوب " بعهدتي ، يا الله !! " بوب " في رعايتي دون حماية والدتي، هذا القطّ السمين الهرطل الذي قاسمني مصروفي ، وخطف مني أحضان أمّي. لأربع سنوات وأنا أعاني من غطرسته وتمرُّده عليّ . تركتْ أمّي مصروفًا يكفيني لمدة أسبوعين، ولم تنسَ حصَّة " بوب" السمين، كي أشتري له طعامه المفضّل من " المول " ، معلبات بلحم طازج خاص للقطط المدلَّلة.  صرفتُ كلَّ حصَّته على ملذاتي الشخصيّة، حيث كان لابد لي أن أعيد تربية هذا السمين الكسول . سكبتُ له بعضًا من حساء العدس في صحنه الخاص، اقترب واشتمَّه؛ ثم نظر إليَّ بعينيه الصفراوين ولسان حاله يقول:  

- كُلْ حساءك العفِن هذا وحدك!!  أريد طعامي المعلَّب… 

أدار ظهره واتجه نحو الأريكة ، وبالكاد قفز إليها بكرشه المتهدِّل، وأخذ ينظر إليَّ بعيون ملْؤها الحقد والاستهزاء ، بل متوعّدًا إيّاي بشيء لم أفهمه. 


مرَّ الأسبوع الأوَّل، وها هو " بوب " بحُلَّتِه الجديدة، بجسمه المتناسق وخُلُقِه المتواضع؛ فقد تعلَّمَ كيفيّة طلبِ الطعام برجاء خالص، وتودّد منقطع النظير، والأفضل من هذا وذاك أنَّه أحبَّ ما تبقّى في صحني من حساء العدس، والإنجاز الأعظم كان حبَّه الشديد للخبز الناشف. 


✍️ رعد محمد المخلف. سوريا


تعليقات

المشاركات الشائعة