الخلاف: بقلم رعد محمد المخلف

 قصة قصيرة 

💥 أدب أطفال

الفئة العمرية من 8-12 سنة ( قراءة)


الخِلافُ

أشرفَ الخريفُ على نهايته، وها هي الأشجارُ قد تخلَّتْ عن ثوبها الأخضر، ونفضتْ كلَّ أوراقها، والهواء البارد يزداد شدّة.


 كان الأرنب الجميلُ يقفزُ في الغابة، يبحثُ عن طعام يأكله أو نبتة غضّة يقضمها، وبينما هو منهمك في البحث، نظرَ إلى السماء ليدعو ربّه علّه يرزقه بعشاء لذيذ قبل غروب الشمس، وعندها رأى في أعلى إحدى الشجيرات تفاحة يانعة، غَفِلَتْ عنها كلُّ العيون؛ فأراد أن يقطفها لكنه لمْ يستطع، قفزَ بكلّ قوّته للأعلى دون جدوى، وبينما هو منهمك في محاولاته سمعَ صوتًا " كااااااك… .كاااااااك "، وإذ به يرى غرابًا يجلس في أعلى شجرة السَّرو الباسقة؛ فناداه: 

- أيّها الغراب… . !! 


بحثَ الغرابُ عن مصدر الصوت، فكرّرَ الأرنب نداءه :

- أيّها الغراب… . أنا في الأسفل…  !!


ولمّا حدّد مصدرَ الصوتِ وجهتِه أجاب: 

- أجل أيّها الأرنب…  ما خطبك ؟!!

- أريد منك أن تُسقِطَ لي تلك التفّاحة… !!


طار الغرابُ إلى حيث التفّاحة؛ وظلَّ ينقرها حتى قطعَها من الغصن، وما أنْ وصلتْ إلى الأرض حتى همَّ الأرنب بالانقضاض عليها، لكنَّها تحرَّكتْ وأخذت تبتعد عنه، استغرب الأرنبُ ما يحدث؛ فلحِقَ بها، ولمّا أدركها، فَهِمَ ما جرى؛ فقد وقعتْ فوق ظَهْرِ القنفذِ الذي كان تحت الشجرة، فبادره الأرنب على الفور: 

- أنت…  أيّها القنفذ أعِدْ لي تفاحتي… !!


فرّد القنفذُ باستغراب شديد: 

- إنّها لي، وقد سَقَطَتْ فوق ظهري من الشجرة…!! 

وهنا هبطَ الغرابُ وقال لهما: 

- لا…  لا…  لا…  إنّها لي .. أنا وحدي .. كااااااكااااا…  أنا من نقَرَها وأسقَطَها.. !!


قال الأرنبُ : 

- وعليك أن تتذكّر من وجدها أولًا… !!

وهنا بدأ العراكُ بينهم جميعًا؛ وأخذ الغراب بِنَقْرِ أنف القنفذ؛ والقنفذُ يهدّدُ الأرنب بشوكِه؛ والأرنب يسحبُ الغرابَ من رِجليه، وصراخهم  يضجَّ به المكان، حتى وصل إلى الدّبِّ العجوز الحكيم؛ فمشى إليهم بأقصى سرعةٍ ممكنة، ولمّا حضر إلى مكانهم قال: 

- كفّوا عن عراكِكم…  بسرعة .. هيا…  واسمعوني…!! 


توقّفَ المتخاصمون وهم يلهثون من شدّة التعب؛ وحين سألهم عن سبب الخلاف بينهم؛ قَصّوا عليه ما حدث؛ وكلٌّ منهم عَبَّرَ عن حقِّه بالتفاحة بأكملِها، وهنا قال الدّبُّ :

- كلّكم له الحقّ فيها… فالأرنب من وجدها، والغرابُ من أسقطها، والقنفذُ من التقطها بظهره ولو عن طريقِ الصدفة…  وإليكم حكمي إذا قَبِلْتُم بي قاضيًا… !!

صاحَ الجميع بصوت واحد :

- نعم… . أنت أكبرنا حجمًا وحكمة…  ونحن نقبلُ بما تحكمُ بيننا…  ولن نختلف على رأيك أبدًا……… !!

فقال الدّبُّ:

- قسِّموها إلى ثلاثة أجزاء ، وكلٌّ منكم يأخذ ثُلُثًا…  !!

صاح الجميعُ :

- بل نقسِمها إلى أربعة أجزاء… !! 

- ولمَ إلى أربعة أجزاء… ؟!

- الجزء الرابع لك ، لأنَّك حَكمتَ بيننا بالعدل، وأعمَلْتْ عقلَك؛ فوجدتَ لنا حلًّا يناسب الجميع وينصِفهم…!! 

فرحَ الدّبُّ بقرارِهم، وقال: 

- أصدقائي : بالعقل والمعرفة والعدل، تُحَلُّ كلُّ المشاكل… !!

جلسَ الجميعُ يودّعون شمس المغيب، وهم يتلذّذون بالتفّاحة الأخيرة… 

    

✍️ رعد محمد المخلف.  سوريا                       

-


تعليقات

المشاركات الشائعة