ال روبوت: بقلم رعد محمد المخلف

 قصة قصيرة


روبوت


ضاقَ الأبوان ذرعًا بولدِهِما الشقيِّ؛ فطيلة الوقت يتأخَّر بالرّجوع إلى المنزل بعد خروجه من المدرسة.


 ولدٌ مراهقٌ ومشاكس عنيد، مع مهاراتٍ عاليةٍ في فنونِ المراوغةِ والكذبِ والتلاعبِ بالألفاظ.


 فكَّرا طويلًا بطريقة يجعلانه يقول الحقيقة بدون أيّة مواربة، حتى جاءَ اليومُ الذي شاهدا فيه إعلانًا متلفزًا عن اختراعِ رَجُلٍ آليٍّ ، من مواصفاته العديدة في الخدمة والأرشفة، خاصيّة كشف الكذب.  


فرحَ الأبُ كثيرًا وقد لاحَ له في الأفقِ الحلُّ الأمثلُ لعلاج مشكلته مع ولده.  لم يخبرِ الأمَّ بشيء حتى يتمكّن من مراسلة الشركة المُصنِّعَة للـ " روبوت "، وبعد جهد جهيد ، تمكّنَ أخيرًا من التواصل مع مدير الشّركة؛ وأوصى بشراء واحد من منتجهِم. 


مرَّت بضعُ أيّام حتى وصل المطلوب للبيت. شرح المهندسُ للمَالِكين كيفيّة التشغيل،  فقد أخبرَ الزوجُ زوجتَه بما كان يخطّطُ منذ أيّام.  المهمُّ في الأمر بالنسبة لهما هو خاصيّة كشف الكذب. 

 انتظرا ابنهما حتى عادَ من مدرسته بعد تأخُّر ملحوظ كعادته،

 رأى الرجُلَ الآليَّ؛ فظنَّه هديّة من والديه.  أمره الأبُ أن يقفَ بجانب الـ " روبوت " ، وسأله السؤال المعتاد: 

- لماذا تأخَّرتَ في الرجوع إلى البيت، وأين كنت.. ؟!!


ردَّ الابن باستهتار واستخفاف، جاهلًا ما يخفيه له القدر: 

- كنتُ عند صديقي حسام و… 

وما أنْ تلفَّظ بكلماتِه تلك ، حتى تلقّى صفعة قويَّة من 

الـ  " روبوت " . 

ضحك الأبُ وقال منبِّهًا ولدَه ، بأن هذه الآلة تكشف الكذبَ والكاذب، وأنَّه سيبقى يتلقَّى الصفعة تلوَ الأخرى حتى يقول الحقَّ وأضاف: 

- يا ولدي ، الكذب عيب كبير في الرَجُل ، تعلّمْ قولَ الحقيقة دائمًا؛ فأنا شخصيًّا عندما كنتُ في سِنِّك، ما كنتُ أكذبُ على والديّ أبدًا و… 

وما أنْ نطقَ عبارته الأخيرة حتى استشاطَ الآليُّ فضربه رفسةً تحت الحزام أوقعتْه أرضًا، وأخذ يتلوَّى كالأفعى من شدَّة الألم. 

ضحكتْ زوجتُه ملءَ شدقيها وقالتْ :

- يبدو أنَّ الضربةَ تتناسب مع حجم الكِذبة، أرجوكَ لا تكنْ قاسيًا مع ولدكَ فهو… ...

تغيَّر لونُ الضوء الأخضر في عينيّ الآليّ إلى الأحمرالقاني؛ ووجَّه لها لكمة إلى فكِّها.


✍️  رعد محمد المخلف. سوريا


تعليقات

المشاركات الشائعة