المستنقع: بقلم تيسيرمغاصبه

 "المستنقع"

قصة مسلسلة

بقلم:

تيسيرمغاصبه 

-٨-


"القدر"


طالت وقفته أمامها بينما هي تتأمله بنظرات متعجرفة، متحدية .

أخيرا قالت آمرة :


-أدخل؟


دخل كمال ..وقف في الصالة الواسعة ،المهيبة، ثم قالت له:


-إنتظر هنا؟


دخلت إلى المطبخ بينما كمال يتلفت حوله وقلبه يخفق بشدة من رهبة المكان .

تجول بنظره على الجدران الممتلئة بصور الزوج مع شخصيات هامة ، إضافة إلى

الأوسمة والنياشين والدروع ،جانب آخر من الجدران تحتوي على  معروضات مثبتة من السيوف والخناجر والبنادق والأسلحة المختلفة. 

حتى ظهرت المرأة أمامه من جديد بفستان النوم الذي كان يشكو وحدته على جسدها ،فكان يظهر كامل جسدها المترهل والذي كان يتماوج مع كل حركة تقوم بها.

قالت آمرة :


-تعال؟


مشى كمال وراءها ..دخلت إلى المطبخ ..مدت يدها إلى كيس القمامة وقالت:


-احمل هذا الكيس ،بعد أن تلقي به في حاوية القمامة عد إلي بسرعة ،هل تفهم؟


-حاضر سيدتي.


حمل كمال كيس القمامة وسار نحو الباب وهو يشعر أن الأمور إن إنتهت على هذا سيكون بخير.


سار في الشارع الخالي من المارة حتى وصل إلى حاوية القمامة ،وضع الكيس فيها وعاد بخطواته المتعثرة وهو يشعر أن ركبتاه باتتا أشبه بركبتا احدى دمى مسرح العرائس.

كان الباب لايزال مفتوحا لكنه قرع الجرس ثانية..ظهرت أمامه من جديد وقال:


-أتأمرينني بشيء آخر سيدتي؟


لكنها بقيت صامتة لحظات كانت خلالها تتأمل قامتة الممشوقته واناقته ووسامته ،شعر من خلال نظرات عيناها الكبيرتان بشكل ملحوظ إنها قد كشفت جسده بأكمله ،فأنزل رأسه ناظرا نحو مقدمة حذائه. 

ثم قالت :


-اغلق الباب ؟


وعندما أغلق الباب إستدارت وقالت آمرة:


-إتبعني؟


سارت بأتجاه غرفة النوم ..دخلت ثم أفسحت له مجالا ليدخل..عادت وسدت الباب بجسدها فبقي هو في الداخل، وقالت :


-أنظر في عيني؟


نظر في عينيها بأرتباك ،وقالت بصوت أقل حدة :


-لاتتظاهر بالطهارة والعفة؟


لم يجب ..تابعت كما وإنها تهمس بأذنه:


-أتسمع أيها الوضيع..لاتستفزني؟


ثم بحركة مفاجئة دفعته على صدره إلى الوراء  بكفيها الاثنتان ..تراجع مع قوة الدفعة ..تعثرت قدماه ببربيش مكنسة الكهرباء ..سقط على ظهره ..قالت وهي تقترب منه:


-قلت لك لاداعي للتمثيل؟


وحتى تلك اللحظة لم يكن كمال مصدقا كل ما يحدث معه.  .   .   .    .    .    .    .    .    .    .    .    .   .    .    .   .    .    .    .    .    .     .     .


*    *    *    *    *    *    *    *    *    *    *


عاد كمال إلى مبنى المدرسة ..فتح باب غرفته ..إنهار على أرض الغرفة ..أسقط نفسه على ظهره ..أخذ يجذب شعره بقوة .

بقي للحظات ثم دخل إلى الحمام ..تقيأ كل مافي إمعاءوه، ثم أخذ شور بارد بعد ذلك خرج ليستلقي على سريره غير مصدقا ما حدث معه .

أنه أشبه بالجاثوم، لأول مرة  يشعر بالضعف والمهانة والذل والاستسلام منذ أن ترك عمله في الآثار. 

قبل رفع آذان الظهر لصلاة الجمعة نهض وأغلق باب غرفته وتوجه إلى شقته القريبة ،وفي ذلك اليوم لم يذهب لصلاة الجمعة في المسجد ،بل كانت البداية لمقاطعة  المساجد بل وترك الصلاة نهائيا وهجر القرآن.

فتح باب شقته ..جلس على الكنبة متهالكا، 

وتلك كنبته الثمينة والتي كانت هدية له من أمه عند حضورهم إلى هنا.

أما الآن فقد ورث الشقة أيضا بعد وفاة أمه المتسلطة هي وزوجها الأخير بحادث سير .

لقد كان كما هو الابن الوحيد لها من زوجها  والذي كان الزوج الأول،أبوه ،لم تكن تعتبره ابنا بقدر ماكانت تعتبره من ممتلكاتها وماعليه سوى الطاعة ،حتى عندما يشعر بالاختناق منها  ويرد عليها كانت تقول له:


"أنت ترد علي وجنتك تحت أقدامي ".

لم يكن يرفع رأسه أبدا عندما تحدثه لأنها أفهمته أن ذلك يعد جريمة وعقوق،

أن ماعليه سوى إطاعة الأوامر فقط.

وفي الحقيقة لم يكن هو وحده الذي يطيع أوامرها بل كل زوج تتزوجه.

لم تكن تحترم أزواجها الأربعة ومن بينهم أبيه،فكانت متناقضة جدا، فهي  تشتم جنس الرجال وكانت مزواجة في الوقت نفسه ،لقد كانت أمه لاتستطيع العيش بدون رجل.

حتى سميت أمه ب "قبارة الأزواج" ويقال أنه وللصدفة أن جميع أزواجها كانوا طيبون ،ولهذا كانوا يموتون بالتجلط أو النوبات القلبية  بسبب لسانها الحاد كالسياط، وصوتها المرتفع، ولهذا كانت أعمار ازواجها قصيرة جدا.


فعاش كمال لحتى هذا اليوم  دون أن يعيش أي قصة حب، أو علاقة سريعة عابرة كغيرة من الشباب ،

منذ طفولته كانت أمه تغار عليه غيرة جنونية خصوصا من الجنس الآخر وتحذره من الفتيات وإنهن طريقه إلى جهنم ،

فعاش خائفا من الله الذي يعذب بالنار ..لم يكن يعلم شيئا عن الله سوى أنه يعاقب على أقل الذنوب.

وعندما بلغ السابعة من عمره بدأ في أداء  الصلوات الخمسة  والصيام .

فبقي منذ طفولته وإلى الآن لايفتح نوافذه ولا حتى ستائر منزله حتى لايرى فتاة ولو بالصدفة ويقع بحبها وبالتالي يغضب الله ،

فعاش سجينا في شقته منذ وفاة أمه وزوجها في الحادث المشؤوم قبل ثلاث سنوات.

في تلك اللحظة فقط شعر أن تلك المرأة تشبه أمه كثيرا ،وأن أول تجربة له  مع أمراة كانت تجربة مشوهة، مقززة مع إمرأة طبق الأصل عن أمه.

فشعر بالكراهية الشديدة لأمه،  

فلم يعد يدعو لها بالرحمة ،بل وإتخذ قراره بأن يعيد حساباته حتى بما يتعلق في علاقته بخالقه،

سوف يبدل ثوب العفاف بثوب الفسق ، الفسق الذي إنقاد إليه مرغما، 

وثوب الفسق الذي إرتداه مرغما.

لكن ....

هل يستطيع..!! 


(يتبع....)

تيسير مغاصبه 

٢-١١-٢٠٢٢


تعليقات

المشاركات الشائعة