إلتباس: بقلم رعد محمد المخلف

 قصة قصيرة

اِلتباس

دخلَ الريفيُّ إلى الخَمّارة؛ وعلامات الحزنِ بادية عليه، طلب زجاجة نبيذ شرِبَها دفعة واحدة، أخذَ نفسًا عميقًا وهو يردّدُ عبارة ( هناك أشياء لا يمكنُ شرحها)، وأعادَ طَلَبَ زجاجة أخرى من الخَمَّار، كان مصيرُها كسابِقتِها، وهو يكرّرُ ( هناك أمور لا يمكن شرحها )، وظلَّ يطلب نبيذًا أكثر وأكثر، حتى انتبه الحانوتي إلى فَرْطِ شرابِ الريفيّ؛ فبادره بالسؤال: 

- سيدي…  !! أنت تفرِطُ في شرابِك كثيرًا، كما أنَّك تكرّرُ عبارة واحدة لوقت طويل وأنت تجلس إلى طاولتي…  فهل لك أنْ تشرح لي ما الذي جرى معك… ؟!!

التفتَ الفلّاحُ إلى الخمَّار بتثاقل وقال: 

- نعم…..  نعم…  سأحدِّثك بما جرى معي… . !! اليوم وفي ساعة مبكِرة من الصباح أردتُ أنْ أحضِّر وجبة الإفطار لزوجتي المسكينة التي تكدحُ طِوال النهار، كمفاجأة سارّة لها؛ فذهبتُ إلى الحظيرة لحَلْبِ البقرة، وعندما امتلأ دلوي الصغير بالحليب، قامتِ البقرةُ بِرَفسِ الدلو بقائمتِها اليمنى وأراقتْ ما فيه من حليب؛ فقمتُ بربطِ قائمتها بحبلٍ متينٍ بعد أنْ باعدتُها بشكل لا تستطيعُ تحريكها إطلاقًا، وكرّرتُ حَلْبَها من جديد وعندما طفحَ الدلو بالحليب، رفَسَتْه بقائمتِها اليسرى؛ فاضطريتُ إلى ربطها كما فعلتُ باليمنى؛ وقمتُ بإعادة المحاولة للمرّة الثالثة؛ وعندما انتهيتُ دَلَقَتْ ما بالدلو بذيلِها، فكان لِزَامًا أن أربطَه إلى سقفِ الحظيرةِ، بوساطة حزام بنطالي الوسيع، وعندما تمَّ تثبيتها بأمان تام ، سَقَطَ بنطالي الفضفاض إلى الأرض، وفي هذه اللحظة، وقَفَتْ زوجتي بباب الحظيرة…  !! ومنذ ذلك الوقت وأنا مطرود من البيت، وعلى لساني عبارة ( هناك أمور لا يمكن شرحها )… !!

رعد محمد المخلف.  سوريا


تعليقات

المشاركات الشائعة