النسمة العابرة: بقلم سمية جمعة

 النَّـســمةُ العابــرةُ 


الجميعُ شاهدَ تلكَ النسمةَ التي عبرَتْ تلكَ البيوتَ ، دخلتْ كلَّ بيتٍ و ودَّعتهم ، و لكنها تأخَّرَتْ في ذاكَ البيت ، استوقفَها الوجهُ الذي تذكَّرها ، و بعدَ مرور وقتٍ اعتقدَ أنهُ نسيَها ، لملمَتْ شتاتَ جروحها و ألقَتْ بكلماتها ، وجهها تورَّدَ خجلاً عندما وقعتْ عينُها بعينهِ ، تلعثمتْ حروفُها و شدَّتْ إزارَ اللغةِ ، عقيمةً كانتْ تلكَ الآهاتُ التي لم يسمعها،و الأنّةُ التي أطلقَها القلبُ ، سنينُ مرَّتْ في ذِمَّـةِ الغيابِ هي و هو التذكارُ ، أولادهُ حولهُ يثيرونَ ضجيجَ الوقت ، و ثورةُ قلبها قد أعلنتْ اشتعالها ، خائنةٌ تلكَ اللحظاتُ التي لم توثِّقْ تاريخَ ميلادها الحقيقي ،و خائنٌ ذاكَ الوقتُ الذي كانَ برفقته ، رحلتْ تلك النسمةُ دونَ أن تهزَّ يديها لمسةُ ذاكَ البابِ المفتوحِ ، كانَ الياسمينُ المتسلِّقُ على الجدران يثيرُ حفيظةَ بوحها ، و ها هوَ الآنَ أمامها ليس ذكرى ، هو واقعٌ و لكنْ اشتهتهُ أن يبقى حبيسَ الذاكرة .


لم تعدْ تعنيها تلكَ النهاياتُ ، فقد كانتْ موثقةً في سجلّها الخالد .

لحظةُ عبورهِ ذاكرتَها كانتْ نهايةً مؤكَّدةً لنبضٍ بدأتْ تضيقُ به الشرايينُ ، متعةُ اللحظاتِ الضائعةِ ، و هي تفلتُ من يديها ، كانت نرجسيةً حقيقيةً ، كلُّ شيءٍ بدا واضحاً أمامها ، و هي المفتونةُ بسحر تلكَ اللحظةِ ، ذاكَ النورُ الذي أضاءَ سماءَ روحها ، هذا ما كانتْ تتمنّاهُ .

سمية جمعة سورية



تعليقات

المشاركات الشائعة