يوميات طبيب في الريف 3/3:بقلم رعد محمد المخلف

 قصة قصيرة

يوميات طبيب في الريف ج3/3


من العادة أن يطلب الطبيب من مريضه أن يعود لزيارته بعد أسبوع من العلاج حتى يتحقّق من تأثير الدّواء وتراجع المرض، و في ذات مرّة خرج الطبيب عصرًا من عيادته منهكًا ووقف بجانب سيّارته ليستقلها إلى البيت حيث الغداء اللذيذ والراحة، لكن استوقفه رجل ناداه بلهفة شديدة وقال :

- مرحبا أيّها الطبيب...!

- أهلا وسهلا ...!

- هل تتذكّرني؟

- لا..! 

- أنا موظف حكومي وقد أتيتُ لزيارتك منذ شهر تقريبًا برفقة زوجتي حيث كنتُ قد جلبتُ لك إحالة طبيّة حكوميّة من مقر عملي، لتقوم بفحصي مجانًا ....و...

- يا أخي قل ما تريده بسرعة فأنا في عجلة من أمري ...!

- آه نعم –وابتلع ريقه- وقد وصفتَ لي علاجًا وطلبتَ مِنّي أن أعود للمراجعة بعد أسبوع و....

- و...و.... ماذا.. ؟! أنا أقف في الشّارع كما ترى .......!

- و.... وطلبتُ منك برجاء أن تصف علاجًا لزوجتي كونني لم أملك أجر المعاينة لها وانتهزتُ الفرصة لكوني أحمل إحالة طبيّة حكومية مجانية و.......وصفتَ لكلينا دواء بإحالة واحدة... واحدة مجانًا والأخرى على حسابك الشخصي، وهذا لطف منك و....

- لا إله إلا الله......!

- لحظة .. لحظة .. من فضلك ....ألم تقل لي أن اعود لزيارتك بعد أسبوع للاضطلاع على سير العلاج..  ؟

- لربما نعم ...! باختصار أرجوك...

- نعم...نعم...باختصار حينذاك لم أتمكّن من زيارتك بعد أسبوع ...!

- وماذا بعد...؟!

- كنتُ أودُّ الوصول للتحقّق من معلومة أن المراجعة بعد أسبوع مجانيّة أليس كذلك؟ 

-  نعم ...لكن بعد إسبوع لا أكثر .... قل ما ترمي إليه دون مواربة ..!

- آه ...نعم ... وبما أن المراجعة بعد أسبوع مجانيّة، وأنا لم أستطع المراجعة في الوقت المحدّد، هذا يعني أنّك مُدان لي بمراجعة .. و..... 

ضحك الطبيب ملء شدقيه وقال :

- علاقة رياضية منطقية .... لابأس ...أنا مُدان لك – قالها وهو يضحك- هلُمّ بنا إلى العيادة لأكشف عليك مجانًا للمرّة الثانية ....!

فرح الرجل كثيرًا لطِيبِ خُلُقِ الطبيب، وحين قفل الطبيب عائدًا باتجاه العيادة استوقفه الرجل للمرة الثانية :

- بما أنّك مُدان لي وقد اعترفتَ بنفسك بهذا الدين، فأنا أتنازل بحقي لشقيقي الواقف هناك في ركن الشارع الأيمن، كي تكشف عليه، بدلًا عني، وعلى حسابي ..!


ضحك الطبيب بصوتٍ عالٍ وقال :

- لابأس، لكن بشرط أن يرجع إلى زيارتي في الوقت المحدّد بعد أسبوع، فأنا لا أريد أن أصبح مُدانًا مرة أخرى ......

✍️ رعد محمد المخلف.  سوريا


تعليقات

المشاركات الشائعة