حائرة بانتقاء: بقلم سمية جمعة

 - تهدئة


قال:

 ستحتاجينه أكثر من أي وقت آخر. هل كانت الكلمات بمثابة وعد كي يستبقيني، أم ليسمح لنفسه أن يقول أشياءً وكأنه يودعني؟ كانت المكتبة المكان الوحيد الذي تستوقفني رفوفه والغبار العالق على الكتب، هنا نزار  يطل من نافذة الوقت و يقول: 

- بلقيس يا وجع القصيدة، و هناك أنسي الحاج بكلماته التي لم أملّ من تكرارها، ناولني دفتراً و قلماً وأنا التي لم تحتج يوماً لدفتر كي تكتب، ولكن! كانت الدفاتر من ضمن أشيائي الخاصة المحببة لأحتفظ بها وأعرف موعد شرائها، أنت لا تحتاج لدفتر وقلم كي تكتب  و لكن حبر النبض هو الذي يمتزج بالكلمات و يسطرّها قصصا على الورق، بدأت أصابعي بتلمس الكتب بنعومة بالغة والعيون حائرة بانتقاء 

ما نشتهيه من قراءة،عاودت السؤال سألته:

- ما المناسبة أن تعطيني دفتراً وكأنك كنت تقرأ أفكاري، ردعليّ:

- ليس شرطاً أن تكون هناك مناسبة لنهدي، كانت الكتابة الخدعة الوحيدة  التي أتقنها والتحايل على الكلمات، كي أخرج من حرج الانتظار، يا لقسوة الوقت حين يهدينا هدايا خارج وقتها الزماني، لو أهداني ذاك الدفتر يوم كنت أحفظ الشعر، أو عندما كنت أدوّن مذكراتي؟ دسست الدفتر في حقيبتي ورحت أراقب خطواته، تنقلاته بين الكتب، لأول مرة ألتقي بشخص يدرك ماوراء الكلمات، يعرّي الصمت فتنطق اللغة قصائد، كانت عيونه رغم ارتداء النظارة تكشف عن دهاليز ذكاء سخي، جلس على طاولة بعيدة ، يختلس النظر، كانت لدي نفس الرغبة كي أعرفه أكثر، انتقلت إلى مكان آخر، و ركزت في جلستي، وراحت الأفكار تعيدني إلى أمكنة كانت تزدحم بها ذاكرتي، غرقت معه بأفكاره، و تنقلت بين تلافيف ذاكرته، فجأة رن هاتفه ليوقظني من صمتي، رد بشكل مقتضب وخرج كالبرق.


سمية جمعة سورية


تعليقات

المشاركات الشائعة