فواتير الكيماوي: بقلم أبو القاسم محمود


 -قصة قصيرة


فواتير الكيماوي :

كلما سألته رفض الإجابة !!!  أصل رحمي معه كل يوم جمعة، كان ذلك بعد خطبة جمعة تحدث فيها الخطيب عن عواقب قطع الأرحام قبل أن تأخد الخطب شكلها السياسي ، تغيرت ملامح وجهه .. قال لي وهو بالكاد يتنفس جراء مضاعفات جرعات الكيماوي : سوف أحكي لك اليوم كل شيء ، أخاف أن تتمزق كليا حبالي الصوتية .. كان المرض الخبيث قد تمكن من حنجرته بشكل فقد معه الأطباء القدرة والامل في الشفاء نظرا لتأخر التشخيص الناتج عن فقر المستشفى الجهوي.. قال لي والدمع ينزف من مقلتيه بصوت أجش :

لو كنت عرفت ، كنت سأختار أن أبيع الفجل على تخوم مدريد، كنت سأقدم المشروبات والمأكل لرواد مقهى أو مطعم في مدن تحترم آدمية الإنسان ، كنت سأبيع المناديل الورقية على أرصفة باريس أو أحرث أرضا للكفار على مقربة من بروكسل ، أن أرعى الأغنام والأبقار أو أجني الطماطم في حقل منسي في وطن لا ينسى ، لو كنت عرفت لسافرت لأمارس كل الأعمال الشاقة في أرض ستوفر لي سرير إنعاش بالمجان في مستشفى تقدم فيه ممرضات كشقائق النعمان الورود للمرضى .. لو كنت عرفت لاشتغلت بناءا في قرية منسية لن ترغمني حين تسوء حالتي على دفع ثمن سيارة الإسعاف أو دفع ثمن البزين لسيارة نقل الموتى حين تسافر روحي ، تنهد تنهيدة طويلة و ٱستأنف الحديث : 

بلغ عني يا ولدي أن الوفاء للضباع جريمة كبرى والصمت تجاه الفساد عمل شيطاني ، إزرع يا ولدي بين شقوق الجدران أن مجاملة السراق وصمة عار ومدح الذين يبنون ذواتهم على أنقاض الأوطان وجثت المعدمين شهادة زور ..

سجل عندك يا ولدي : قبل أن أصمت للمرة الأخيرة، أنا أبرأ من كل الذين حولوا مخصصات شراء أجهزة "سكانير" إلى سيارات فارهة ، ونهبوا أموالنا سرا وعلانية ، أخبرهم ياولدي بكل ما قلت لك قبل أن تلتقي الخصوم .

-14شتنبر 2022

تعليقات

المشاركات الشائعة