ترترة في القبور
قِصَّةً قَصِيرَةً.
بِعُنْوَانٍ .
✅ثَرْثَرَةٌ فِي اَلْقُبُورِ
أَيْنَ أَنَا.. ؟ مَا هَذَا اَلْمَكَانِ اَلْمُوحِشِ. ؟ ضِيقٌ لَا أَسْتَطِيعُ اَلتَّحَرُّكُ فِيهِ. ماهذا الاكتظاظ؟
كَمْ هُوَ مُظْلِمٌ وَبَارِدٌ.
رَبَّاهُ كَيْفَ رَمَوْنِي فِيهِ كَشَاةٍ نَافِقَةٍ، أَنَا لَا ذَنْبُ لِي فِيمَا جَرَى وَمَا قَدْ حَصَلَ، تَنَهُّدُ بِعُمْقٍ شَدِيدٍ زَفَرَ عَذَابُ اَلسَّنَوَاتِ اَلْأَخِيرَةِ بِالشَّوْقِ وَالتَّحَمُّلِ .
صَرْخَةٌ خَرَجَتْ مِنْ أَعْنَانِ جَوْفُهُ، تَحْمِلَ فِي طَيَّاتِهَا اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْأَشْيَاءِ وَالْأَلَمِ..
شَرِيطُ حَيَاتِهِ مَرَّ بِلَمْحِ اَلْبَصَرِ مُذْ قَدَّمَ إِلَى هَذَا اَلْبَلَدِ .الذي كان ينعم بخير وسلام.بنخيله السامق بآثاره. بمكتبته العريقة، بمياه الملتقى، بمعالمه الدينية التي تحاكي التاريخ عشقا..
جَاءَهُ صَوْتُ مِنْ جِوَارِهِ ، أَجْفَلَهْ وَدَبَّ اَلذُّعْرُ فِي أَوْصَالِهِ اَلْبَارِدَةَ، مَابِكْ يَارْجِلْ. ؟
مُذْ رَمَوْكَ فِي هَذِهِ اَلْحُفْرَةِ وَأَنْتَ لَا تَكُفُّ عَنْ اَلتَّمَلْمُلِ،وَالتَّأَفُّفُ، إِهْدَأ. مَابِكْ ؟
هُنَاكَ آخَرُونَ فِي سُبَاتٍ أَبَدِيٍّ لَا يُحِبُّونَ اَلضَّجِيجُ . هَالَهُ مَا سَمِعَ، اِرْتَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهِ،عَلَامَاتُ اَلِاسْتِغْرَابِ أَرْدَفَ.
إِذَا لَسْتُ وَحِيدًا هُنَا؟
رَدٌّ عَلَيْهِ بِسُخْرِيَةِ وَتَهَكَّمَ ،وَحِيد !
مالذي دهاك يارجل؟
من أخبرك بأنك وحيد؟
حتى في الموت يكذبون.!؟
هُنَاكَ كَثُرَ فِي جِوَارِكَ وَآخَرُونَ فِي أَمَاكِنِ أُخْرَى، لَكِنَّكَ لَا تَرَهُمْ وَلَنْ يَرَوْكَ ،!
فَقَطْ يَسْمَعُونَكَ، ! حَتَّى أَنَا
هَلْ تَرَانِي ؟ أَجَابَ لَا !
لَكِنِّي أَسْمَعَكَ أَجَابَهُ.. أَحَسَّ بِقُشَعْرِيرَةٍ تَدِبُّ فِي أَوْصَالِهِ، وَبُرُودَةٌ تَمْخُرُ عِظَامُهُ، بَدَأَ يُهَلْوِسُ بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ كَأَنَّهَا اَلْحُمَّى قَدْ أَخَذَتْ تَجْتَاحُ جَسَدَهُ بِبُطْءٍ أُحْحِيَّهْ أَحْ. اح
اَلْعِرْقُ يَتَصَبَّبُ عَلَى وَجْهِهِ . رَبَّاهُ ؟ لَقَدْ كَذَبُوا عَلِي وَرَسَمُوا اَلْوُرُودَ فِي طَرِيقِنا ، أَغْرُونِا بِالْمَالِ، بِأَشْيَاء وَأَشْيَاءَ . . وَأَرْسَلُونِي مَعَ جَمِيعِ اَلَّذِينَ غَرَّرَ بِهُمْ إِلَى هَذَا اَلْبَلَدِ اَلْغَرِيبِ عَنَّا، أَرْسِلُونَا إِلَى حَتْفِنا كَالْقُطْعَانِ، نَحْنُ نَجْهَلُ كُلُّ شَيْءِ هُنَا .
حَتَّى أَنَّنِي قَبْلَ قَدُّومِيِّ إِلَيْهِ أَخَذْتَ أَبْحَثُ عَنْ خَارِطَتِهِ فِي اَلْأَطْلَسِ، لَمْ أَعْثُرْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ جُهْدٍ كَبِيرٍ ،أَطْلَقَ مَنْ كَانَ بِجِوَارِهِ ضِحْكَةٌ صَغِيرَةٌ، تَنَبَّهَ إِلَيْهِ . وَأَرْدَفَ أَمَّا زَلَّتْ تَسْمَعُنِي ؟ أَجَابَهُ . أَجْلٌ مَا حَدَثَ مَعَكَ صَارَ مَعَنَا جَمِيعًا ! نَحْنُ هُنَا مِثْلُكَ ! بِفَوَارِق بَسِيطَةٍ أَحْضِرُونَا إِلَى هَذَا اَلْبَلَدِ بِحُجَجِ وَاهِيَةٍ . عَلِّمُونَا أَنْ تَقْتُلَ لِتَعِيشَ . ! عَلِمُونَا اَلتَّدْمِيرَ اَلْمُمَنْهَجَ لِلْأَرْضِ وَالْبَشَرِ بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِهِ، عَزِيزِي.. نَحْنُ وَكُلُّ مِنْ جَاءَ،أَوْ مِنْ حَذَا حَذْونَا، بِأَيِّ دَافِعٍ كَانَ، هُوَ وَقُودُ لِانْتِصَارَاتِهِمْ اَلزَّائِفَةِ، سَرَقُوا وَنَهَبُوا خَيْرَاتِهَا، نَكَّلُوا بِأَهْلِهَا زورا وبهتانا . بِحُجَجِ اَلْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ، وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةُ، هُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، يَدُهُمْ طَوِيلَةً. تمتد إلى حيث يشاؤون . كَانَ بَلَدًا هَنِيءً جَمِيلاً . . كَرِيمًا . . كَأَشْجَارِ نَخِيلهُ اَلسَّامِقَةِ،كَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ، وَلَكِنَّ اَلطَّمَعَ يَا عَزِيزِي، وَحُبَّ اَلِامْتِلَاكِ وَالسَّيْطَرَةِ، وَنَحْنُ لَمْ نَقْصُرْ فِي إِذْلَالِ شَعْبٍ مِسْكِينٍ، بِشَتَّى اَلطُّرُقِ وَالسُّبُلِ ، لَمْ يَرْضَخْ، لَمْ يَسْتَكِنْ، جَابَهْنَا وَقَاوَمَ، وَدَافَعَ عَنْ تُرَابِهِ قَدَّمَ أُنَاسٌ كَثُرَ فِي سَبِيلِ اَلْخَلَاصِ مِنَّا، يُسَمُّونَهُمْ هُنَا شُهَدَاءُ، كَانَ يَسْتَمِعُ إِلَى كَلَامِهِ بِهُدُوءٍ، خَمْسُ سَنَوَاتٍ مَرَّتْ عَلَيْنَا كَا اَلْكَابُوسَ، حَتَّى نَخِيلُهُ كَانَ مُقَاوِمًا لَنَا، تَذَكَّرَتْ حَادِثَةَ لِرَفِيقْ لَي بَيْنَمَا كُنَّا ذَات مَرَّةٍ نَخْلُدُ لِلرَّاحَةِ مَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنْ اَلرِّفَاقِ اِسْتَلْقَى أَحَدُنَا قُرْبَ جِذْعِ شَجَرَةِ نَخِيلٍ بَاسِقَةٍ،أَسْقَطَتْ عَلَيْهِ قُرْطًا كَبِيرًا مِنْ بَلَحِهَا شَجَّتْ رَأْسَهُ وَفَّقَئتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، عَزِيزِي جَمِيعَنَا جِئْنَا إِلَى هُنَا، إلى حتفنا مِثْلُكَ دُونَ دِرَايَةٍ، انْظُرْ إِلَى أَيْنَ وَصَلْنَا، حُفْرَةُ بِالْكَادِ تَتَّسِعُ لِوَاحِدِ مِنَّا . . هَذَا اَلْبَلَدِ صَدَقَنِي لَمْ وَلَنْ يَهْدَأَ حَتَّى اِنْدِحَارِنَا جَمِيعًا، وَعَوْدَتُهُ سَالِمًا كَمَا كَانَ وَأَفْضَل مِمَّا كَانَ، بِدَهْشَةِ يَسْأَلُ وَكَيْفَ ؟ لَقَدْ هَدَمْنَاهُ عَزِيزِي . . ؟
سرقناه، ذللننا شعبه، لكن هَذَا اَلْبَلَدِ ذُو شَعْبِ وِلْوُودْ لَدَيْهِ إِيمَانُ وَنَحْنُ نَفْتَقِدُهُ، أَلَمٌ تَسْمَعُ بِقِصَّةِ ذَلِكَ اَلصَّحَفِيِّ اَلَّذِي قَذَفَ رَأْسُ قَائِدِكَ بِحِذَائِهِ ؟ أَثْنَاءَ لِقَاءٍ عَلَى اَلْمَلَأِ ؟ بَيْنَمَا هَمًّا مُسْتَرْسِلَانِ بِحَدِيثِهِمْ جَاءَهُمْ صَوْتٌ آخَرُ مِنْ جِوَارِهِمْ أَصْمُتَا ، كَفَاكُمْ ثَرْثَرَةً، فَهَذَا مَثْوَانَا اَلْأَخِير إِنَّ لَمَّ يَنْقَلُو رُفَاتُنَا بُعْد حِين إِلَى أَهَالِينَا، فَعَمُّ صَمْتٍ رَهِيبٍ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا ( حُفْرَةٌ جَمَاعِيَّةٌ فِي صَحْرَاءَ كَانَتْ اَلْمَقْبَرَةُ لَهُمْ وَلِأَمْثَالِهِمْ مِنْ اَلْمُعْتَدِينَ ) ومحالٌ محالَ أن ينحني النخيل لأمثالكم أيها الجبناء.
تمت وبالخير عمت
✍️ سَالِمْ سَلُّومْ سُورْيَا .
تعليقات